للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدم؛ أي: ولهم أنواع أخر استقر من شكلها أزواج. الخامس: أن يكون الخبر مقدرا كما تقدم؛ أي: ولهم أنواع أخر، و {مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} صفتان ل‍: (آخر). انتهى. بتصرف.

{هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النّارِ (٥٩)}

الشرح: {هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو أن قادة الضلال في الدنيا إذا دخلوا النار، ثم دخل بعدهم الأتباع، قالت الخزنة للقادة: {هذا فَوْجٌ} يعني: الأتباع.

هذا؛ والفوج: الجماعة، والجمع: أفواج، قال تعالى في سورة (النبأ): {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً} وقال في سورة (النصر): {وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً} ويجمع أيضا على:

فؤوج، وجمع الجمع: أفاوج، وأفايج، وأفاويج، وأفاييج بصيغة منتهى الجموع. هذا؛ والاقتحام:

الدخول، والإلقاء بشدة، فإنهم يضربون بمقامع من حديد؛ حتى يقتحموها بأنفسهم خوفا من تلك المقامع. قال أبو الطيب المتنبي، وهو الشاهد رقم [٢٦٣] من كتابنا: «فتح رب البرية»: [البسيط]

لقد تصبّرت حتّى لات مصطبر... والآن أقحم حتّى لات مقتحم

{لا مَرْحَباً بِهِمْ:} هذا من قول الرؤساء المتبوعين في الدنيا في حق الضعفاء التابعين لهم في الدنيا، ومعنى {لا مَرْحَباً بِهِمْ:} لا اتسعت منازلهم في النار. والرحب: السعة، قال تعالى في سورة (التوبة) رقم [١١٨]: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ} وفي الآية معنى الدعاء، فلذلك نصب. قال النابغة الذبياني: [الكامل]

لا مرحبا بغد ولا أهلا به... إن كان تفريق الأحبّة في غد

قال أبو عبيدة: العرب تقول: لا مرحبا بك؛ أي: لا رحبت عليك الأرض ولا اتسعت.

{إِنَّهُمْ صالُوا النّارِ:} قيل: هو من قول القادة؛ أي: إنهم صالوا النار كما صليناها. وقيل: هو من قول الملائكة، متصل بأول الآية.

الإعراب: {هذا:} مبتدأ. {فَوْجٌ:} خبره. {مُقْتَحِمٌ:} صفة: {فَوْجٌ}. {مَعَكُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الضمير في: {مُقْتَحِمٌ،} أو من {فَوْجٌ؛} لأنه قد وصف، أو هو متعلق بمحذوف صفة ثانية، ولا يجوز أن يكون متعلقا ب‍: {مُقْتَحِمٌ} لفساد المعنى، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية في محل نصب مقول الملائكة، كما رأيت. {لا:} نافية. {مَرْحَباً:} فيه وجهان: أحدهما: أنه مفعول به لفعل مقدر؛ أي:

لا أتيتم مرحبا. والثاني: أنه مفعول مطلق. قاله أبو البقاء. {بِهِمْ:} متعلقان بالمصدر الميمي، والجملة على الاعتبارين مستأنفة، لا محل لها، سيقت للدعاء عليهم بضيق المكان، أو هي في محل نصب حال، وقد يعترض عليه بأنه دعاء، والدعاء لا يقع حالا، والجواب: أنه على

<<  <  ج: ص:  >  >>