للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خذ هذا، وأن يكون محذوفا، يفسره الفعل المذكور بعده، وعلى الأول يوقف على هذا، وعلى الثاني لا يوقف عليه. وثانيا: يجوز أن يكون في محل رفع، وفيه أوجه:

يجوز أن يكون مبتدأ، و {حَمِيمٌ} خبره، وعليه فالجملة الفعلية معترضة بين المبتدأ، والخبر، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره الجملة الفعلية بعده، ودخلت الفاء للتنبيه الذي في:

{هذا،} فيوقف على {فَلْيَذُوقُوهُ،} فيكون الإعراب كما في الآية رقم [٢] من سورة (النور)، ورقم [٣٨] من سورة (المائدة). وقال قوم: هذا ضعيف هنا؛ من أجل الفاء، فليست في معنى الجواب هنا كما في آية (النور)، وآية (المائدة)، وعليه يكون {حَمِيمٌ} خبرا لمبتدأ محذوف، التقدير: هذا حميم، وهذا غساق، أو هو حميم، وهو غساق، والفراء يرفعهما بمعنى: منه حميم، ومنه غساق، وأنشد: [البسيط]

حتّى إذا ما أضاء الصّبح في غلس... وغودر البقل، ملويّ ومحصود

أي: منه ملوي، ومنه محصود، وقول زهير بن أبي سلمى في وصف ناقة يستقي عليها: [البسيط] لها متاع وأعوان غدون به... قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا

أي: منه قتب، ومنه غرب، والقتب: أداة السانية، والغرب: الدلو العظيمة. {فَلْيَذُوقُوهُ:}

الفاء: صلة على جميع وجوه الإعراب. (ليذوقوه): فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية مفسرة، أو معترضة، أو في محل رفع حسب ما رأيت من أوجه الإعراب المتقدمة.

هذا؛ وقال الجمل: {هذا} مبتدأ، و {حَمِيمٌ وَغَسّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ} الثلاثة خبر عن المبتدأ، وجملة: {فَلْيَذُوقُوهُ} اعتراض، وقوله: {مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} صفتان ل‍: (آخر) على كل من القراءتين. انتهى. شيخنا. وفي السمين قوله: {وَآخَرُ} قرأ أبو عمرو بضم الهمزة على أنه جمع، وارتفاعه من أوجه: أحدها: أنه مبتدأ، و {مِنْ شَكْلِهِ} خبره، و {أَزْواجٌ} فاعل به، أي:

بالجار، والمجرور. الثاني: أن يكون مبتدأ أيضا، و {مِنْ شَكْلِهِ} خبر مقدم، و {أَزْواجٌ} مبتدأ مؤخر؛ والجملة الاسمية خبره. وعلى هذين الوجهين، فيقال: كيف يصح من غير عود ضمير يعود على (آخر)، فإن الضمير في {شَكْلِهِ} يعود على ما تقدم؛ أي: من شكل المذوق؟ والجواب: أن الضمير عائد على مبتدأ، وإنما أفرد، وذكّر؛ لأن المعنى من شكل ما ذكرنا. ذكر هذا التأويل أبو البقاء، وقد منع ذلك مكي لأجل الخلو من الضمير، وجوابه ما ذكرت لك.

الثالث: أن يكون {مِنْ شَكْلِهِ} نعتا ل‍: (أخر)، و {أَزْواجٌ} خبر المبتدأ؛ أي: وأخر من شكل المذوق أزواج. الرابع: أن يكون {مِنْ شَكْلِهِ} نعتا أيضا، و {أَزْواجٌ} فاعل به، والضمير عائد على: (أخر) بالتأويل المتقدم، وعلى هذا فيرتفع: (أخر) على الابتداء، والخبر مقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>