الشرح:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} أي: بل الأمر كلّه إليّ. كما قال تعالى في سورة (الرّعد): {فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ}. وقال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ}(سورة البقرة)). وقال محمد بن إسحاق-رحمه الله تعالى-: المعنى: ليس لك من الحكم شيء في عبادي، إلا ما أمرتك به فيهم، ثمّ ذكر بقيّة الأقسام، فقال:{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي: ممّا هم فيه من الكفر، فيهديهم بعد الضّلالة. {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} أي: في الدّنيا، والآخرة على كفرهم، وذنوبهم، ولهذا قال:{فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ} أي: يستحقّون ذلك. وخذ ما يلي:
عن أنس-رضي الله عنه-: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لما كسرت رباعيته، وشجّ وجهه يوم أحد؛ حتّى سال الدم على وجهه؛ قال:«كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيّهم؛ وهو يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ؟!». فأنزل الله الآية الكريمة. أخرجه الإمام أحمد. وقيل: استأذن ربّه في أن يدعو في استئصالهم، فأنزل الله الآية، فعلم: أنّ منهم من سيسلم. وقد آمن الكثير منهم، مثل: خالد، وعمرو بن العاص، وعكرمة، وصفوان، وغيرهم. وقيل: نزلت في أهل بئر معونة، قتلهم عامر بن الطفيل، فعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا رفع رأسه من الرّكوع في الركعة الثانية من الفجر يقول: «اللهمّ العن فلانا، وفلانا، وفلانا» فأنزل الله الآية.
والمعتمد: أنّ الآية نزلت في وقعة أحد، والذي شجّ وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكسر رباعيّته هو: عتبة بن أبي وقّاص أخو سعد-رضي الله عنه-.
الإعراب:{لَيْسَ:} فعل ماض ناقص. {لَكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر:
{لَيْسَ} تقدّم على اسمها. {مِنَ الْأَمْرِ:} متعلقان بالخبر المحذوف. وقيل: متعلقان بمحذوف حال من: {شَيْءٌ} كان صفة له، فلما قدّم عليه صار حالا، وهو غير مسلّم، والأولى تعليقهما بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف. {شَيْءٌ:} اسم: {لَيْسَ} مؤخر.
{أَوْ:} حرف عطف. {يَتُوبَ:} معطوف على (يقطع) في الآية السابقة، فهو منصوب مثله، وعليه: فجملة {لَيْسَ..}. إلخ معترضة بين المتعاطفين، ويحتمل أن يكون منصوبا ب «أن» مضمرة بعد: {أَوْ} ويكون المصدر المؤول منها، ومن الفعل المضارع معطوفا على الأمر، أو على: