للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{رُوحُ الْقُدُسِ}. {الَّذِينَ:} مفعول به، وجملة: {آمَنُوا:} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {نَزَّلَهُ}. (هدى): معطوف على محل: {لِيُثَبِّتَ} أي: فهو مفعول لأجله منصوب، أو هو معطوف على لفظ المصدر المنسبك من «أن» والمضارع، فهو مجرور، وأجاز أبو البقاء اعتباره خبرا لمبتدإ محذوف أي: وهو هدى، فهو مرفوع، وعليه: فالجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير، والفتحة، أو الكسرة، أو الضمة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها. {وَبُشْرى:}

معطوف على سابقه على جميع الاعتبارات فيه. {لِلْمُسْلِمِينَ:} متعلقان بأحد الاسمين السابقين، أو بمحذوف صفة لأحدهما، وذلك على التنازع. وانظر مثله في الآية رقم [٨٩].

{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)}

الشرح: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ:} وذلك: أن كفار مكة قالوا: إنما يتعلم محمد هذه القصص، وهذه الأخبار من إنسان آخر، وهو آدمي مثله، وليس هو من عند الله، كما يزعم، فردّ الله عليهم بهذه الآية، واختلفوا في ذلك البشر: من هو؟ فقيل: هو جبر الرومي غلام عامر بن الحضرمي. وقيل: كان عبدان لعبيد الله بن مسلمة، يقال لأحدهما: يسار، ويقال للآخر: جبر، كانا يصنعان السيوف بمكة، وكانا يقرآن التوراة، والإنجيل، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمر عليهما، ويسمع ما يقرءانه. وقيل: هو عائش كان مملوكا لحويطب بن عبد العزى، كان نصرانيا، وقد أسلم، وحسن إسلامه. وقيل: هو عدّاس غلام عتبة بن ربيعة.

والحاصل: أن المشركين اتهموا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأنه يتعلم ما يسمعهم إياه من غيره، ثم هو يضيفها لنفسه، ويزعم أنه وحي من الله عز وجل، فردّ الله عليهم بقوله: {لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} أي: لغة الشخص الذي يميلون ويشيرون إليه أعجمية. هذا؛ والإلحاد: الميل، يقال: لحد، وألحد؛ أي: مال عن القصد، وقرئ: «(يلحدون)» بفتح الياء والحاء، والأعجمي:

هو الذي لا يفصح في كلامه، والعرب تسمي كلّ من لا يعرف لغتهم، ولا يتكلم بكلامهم أعجميا. وقال الفراء: الأعجم الذي في لسانه عجمة، وإن كان عربيا. انتهى. ومنه سمي زياد الأعجم؛ لأنه كان في لسانه عجمة مع كونه من العرب، والأعجمي، والعجمي: الذي أصله من العجم، فهو منسوب إليهم. هذا؛ والأعرابي: هو الذي يسكن البادية، والعربي: هو الذي يسكن الأمصار من بلاد العرب، وهو منسوب إلى العرب، وجمع الأول: الأعراب كما في الآية رقم [٩٠] من سورة (التوبة) وما بعدها، وجمع الثاني: العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>