للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفتها، والعائد، أو الرابط: هو الضمير المجرور محلا بالباء، وجملة: {وَلا تَقْفُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {السَّمْعَ:} اسمها. {وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ:}

معطوفان على السمع. {كُلُّ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بالإضافة، والكاف حرف خطاب لا محل له. {كانَ:} ماض ناقص، واسمه يعود إلى كل واحد من البشر، أو إلى كل واحد من الجوارح المذكورة، أو إلى المكلف، انظر الشرح. {عَنْهُ:} متعلقان بما بعدهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني. وقيل: متعلقان بنائب فاعله، وهو مردود؛ لأن الفاعل، ونائبه لا يتقدمان، لذا فنائب الفاعل ضمير مستتر تقديره:

«هو» يعود إلى ما عاد إليه المضمر في {كانَ} وهو المفعول الأول، وهذا كله فحوى كلام ابن هشام في مغنيه. {مَسْؤُلاً:} خبر {كانَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {كُلُّ أُولئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبر {إِنَّ،} والرابط: اسم الإشارة العائد إلى السمع، والبصر، والفؤاد، والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ تعليل للنهي، لا محل لها.

{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (٣٧)}

الشرح: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} أي: ذا مرح، وهو الخيلاء، والكبر، والبطر، وقرئ {مَرَحاً:} بفتح الراء وكسرها، والأول: أبلغ، فإن قولك: جاء زيد ركضا، أبلغ من قولك: جاء زيد راكضا. {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} أي: لن تقطعها بكبرك حتى تبلغ آخرها. {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً} أي: لا تقدر أن تطاول الجبال، وتساويها بكبرك.

والمعنى أن الإنسان لا ينال بكبره وبطره شيئا، كمن يريد خرق الأرض، ومطاولة الجبال، لا يحصل على شيء. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

تنبيه: في الآية خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد: به أمته على مثال ما تقدم، وفيها نهي عن الكبر، والتكبر، والخيلاء، وقد نهى الله عنه في كثير من الآيات القرآنية، وبين: أنه يكون سببا في صرف العبد المتكبر عن قبول الحق، واتباع الهدى. قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. والرسول صلّى الله عليه وسلّم شدد النكير على المتكبرين، وتوعدهم بالعقاب الشديد، والعذاب الأليم، فعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من تعظّم في نفسه، أو اختال في مشيته لقي الله تبارك وتعالى، وهو عليه غضبان». رواه الطبراني في الكبير. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بينما رجل يمشي في حلّة، تعجبه نفسه، مرجّل رأسه، يختال في مشيته؛ إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة».

رواه الشيخان. وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تواضع لله درجة؛ يرفعه الله درجة حتى يجعله في أعلى علّيّين، ومن تكبّر على الله درجة؛ يضعه الله درجة حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>