للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى غير مذكور، وهو الله لفهمه من المقام، مثل قوله تعالى في سورة (ص) رقم [٣٢]: {حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ،} وقوله تعالى في سورة (هود): {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ،} وقوله تعالى في سورة (القيامة): {كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ} وفي سورة (الواقعة): {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} انظر إعراب هذه الآيات في محالها.

{عَذابَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {الْجَحِيمِ:} مضاف إليه، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، وهي على تقدير: «قد» قبلها.

{فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨)}

الشرح: {فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ} أي: إن كل ما وصل إليه المتقون من الخلاص من عذاب النار، والفوز بالجنة، إنما حصل لهم ذلك بفضل الله تعالى، وفعل ذلك بهم تفضلا منه. وانظر الآية رقم [٧٢] من سورة (الزخرف). {ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} أي: لأنّ ما ذكر خلاص من المكاره، وظفر بالمطالب، ولا فوز بعده، ووراءه.

الإعراب: {فَضْلاً:} مفعول مطلق، عامله محذوف: تفضل فضلا. وقيل: مفعول لأجله، عامله: {يَدْعُونَ فِيها،} وقيل: العامل: {وَوَقاهُمْ،} وقيل: العامل {آمِنِينَ}. وعليه مكي.

{مِنْ رَبِّكَ:} متعلقان ب‍: {فَضْلاً،} أو بمحذوف صفة له، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْفَوْزُ:} خبر المبتدأ. {الْعَظِيمُ:} صفة له، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {ذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها. هذا؛ وإن اعتبرت الضمير فصلا لا محل له، ف‍: {الْفَوْزُ} خبر المبتدأ، وكذلك إن اعتبرته بدلا من اسم الإشارة.

{فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨)}

الشرح: {فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ} أي: بينا القرآن بلسانك؛ أي: بلغتك العربية، وجعلناه سهلا على من تدبره، وتأمله. {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ:} أن يتفهموا، ويعملوا. ثم لما كان مع هذا الوضوح، والبيان من الناس من كفر، وخالف، وعاند. قال الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم مسليا له، وواعدا له بالنصر، ومتوعدا لمن كذبه بالهلاك، والوبال، فقال له: {فَارْتَقِبْ..}. إلخ. هذا؛ وقد قال في سورة (مريم) رقم [٩٧]: {فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا} وقد كرر قوله تعالى: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} وقال جلّت قدرته، وتعالت حكمته في سورة (القدر): {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وانظر شرح اللسان في الآية رقم [١٢] من سورة (الأحقاف).

<<  <  ج: ص:  >  >>