للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض ترسو بها، أي: تثبت وتستقر، وفي غير ما آية: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ،} وانظر ما أذكره في الآية رقم [١٠] من سورة (لقمان). {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً} أي: مانعا من اختلاط الأجاج بالعذب. وانظر الآية رقم [٥٣] من سورة (الفرقان). {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي: الحق، فيشركون مع الله أحقر خلقه. هذا؛ وذكر الأكثر؛ إما لأن بعضهم لم يعرف الحق لنقصان عقله، أو لتقصيره في النظر، أو لم تقم عليه الحجة؛ لأنه لم يبلغ مبلغ التكليف، أو؛ لأنه يقام مقام الكل، وانظر سورة (الروم) رقم [٦].

الإعراب: {أَمَّنْ:} إعرابه مثل إعراب ما قبله بلا فارق، ولذا قال البيضاوي والنّسفي: بدل من {أَمَّنْ خَلَقَ} فكان حكمهما حكمه. {جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من)، وهو من أفعال التصيير، لذا فقد نصب مفعولين، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً} معطوفة عليها، و {خِلالَها} ظرف مكان في محل نصب مفعوله الثاني، وكذا (جعل لها رواسي) فالجار والمجرور: {خِلالَها} في محل نصب مفعوله الثاني، وكذا جملة: {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً} ف‍: {بَيْنَ} ظرف مكان في محل نصب مفعوله الثاني، وكلّ متعلق بالفعل قبله. هذا؛ وإن جعلته متعلقا بمحذوف حال مما بعده على اعتباره صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا» فلست مفندا.

{أَإِلهٌ مَعَ اللهِ} هو مثل ما تقدم في إعرابه. {بَلْ:} حرف إضراب، وانتقال. {أَكْثَرُهُمْ:}

مبتدأ، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وجملة: {لا يَعْلَمُونَ} مع المفعول المحذوف في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها من الإعراب.

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢)}

الشرح: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ:} الاضطرار: افتعال من الضرورة، وهي الحالة المحوجة الملجئة. يقال: اضطره إلى كذا. واسم الفاعل والمفعول: مضطر، والمضطر: هو الذي أحوجه مرض، أو فقر، أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجأ، والتضرع إلى الله، أو المذنب إذا استغفر، أو المظلوم إذا دعا، أو من رفع يديه، ولم ير لنفسه حسنة غير التوحيد، وهو منه على خطر. هذا؛ وأل في المضطر للجنس، لا للاستغراق، فلا يلزم منه إجابة كل مضطر.

{وَيَكْشِفُ السُّوءَ} أي: الضر؛ لأنه لا يقدر على تغيير حال من فقر إلى غنى، ومن مرض إلى صحة، ومن ضيق إلى سعة إلا القادر الذي لا يعجز، والقاهر الذي لا يغلب، ولا ينازع.

{وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ} أي: خلفاء فيها بأن ورّثكم سكناها، والتصرف فيها قرنا بعد قرن، وكذلك يرثها منكم من بعدكم. {أَإِلهٌ مَعَ اللهِ} أي: أيوجد إله مع الله الذي خصكم بهذه النعم،

<<  <  ج: ص:  >  >>