للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامة، والخاصة، الباطنة، والظاهرة. {قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ} أي: تذكرون نعم الله تذكرا قليلا، وقرئ الفعل بالياء والتاء، وأيضا بتسكين الذال، وتخفيف الكاف، ولا يتغيّر المعنى، ولا الإعراب، ولكن يكون على قراءته بالياء التفات من الخطاب إلى الغيبة، عكس ما في الآية السابقة.

تنبيه: جاء رجل إلى مالك بن دينار-رحمه الله تعالى-، فقال: أنا أسألك بالله أن تدعو لي، فأنا مضطر، قال: إذا فاسأله، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه. قال الشاعر: [الطويل]

وإنّي لأدعو الله والأمر شيّق... عليّ فما ينفكّ أن يتفرّجا

وربّ أخ سدّت عليه وجوهه... أصاب لها لمّا دعا الله مخرجا

هذا؛ وعن أبي بكرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في دعاء المضطر: «اللهمّ رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كلّه، لا إله إلاّ أنت». وينبغي أن تعلم: أن الله ضمن إجابة المضطر إذا دعاه، وأخبر بذلك عن نفسه، والسبب في ذلك: أن الضرورة إليه باللجاء ينشأ عنها الإخلاص، وقطع القلب عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة، وجد من مؤمن، أو كافر، طائع، أو فاجر، كما ذكر الله عنهم بقوله: {حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ..}. إلخ. الآية رقم [٢٢] من سورة (يونس)، وقوله تعالى: {فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ..}. إلخ الآية رقم [٦٥] من سورة (العنكبوت)، وقوله تعالى: {وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ..}. إلخ الآية رقم [٣٢] من سورة (لقمان) فيجيب المضطر لموضع اضطراره، وإخلاصه، وإن كان كافرا، وكذلك إن كان فاجرا، فكفر الكافر، وفجوز الفاجر، لا يعود بنقص، ولا عيب في حقّه تعالى، وإنما يعود على صاحبه. وفي صحيح مسلم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال لمعاذ بن جبل-رضي الله عنه-لما وجهه إلى أرض اليمن: «واتّق دعوة المظلوم؛ فإنّها ليس بينها وبين الله حجاب». وعن أبي ذر الغفاري-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، عن رب العزة في دعوة المظلوم: «فإنّي لا أردّها، ولو كانت من كافر».

الإعراب: {أَمَّنْ} قل فيه ما رأيته في الآية السابقة. {يُجِيبُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {إِذا:} ظرف زمان مجرد من الشرطية مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله. {دَعاهُ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، وفاعله مستتر، تقديره: «هو» يعود إلى المضطر، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها، وجملة: {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} معطوفة على جملة: {يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ} لا محل لها مثلها، (يجعلكم): فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (من) أيضا، والكاف مفعول به أول. {خُلَفاءَ:}

مفعول به ثان، وهو مضاف، و {الْأَرْضِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:

{يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ} لا محل لها مثلها. {أَإِلهٌ مَعَ اللهِ:} انظر الآية رقم [٦٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>