للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصّالِحِينَ (٨٦)}

الشرح: (إسماعيل): هو ابن إبراهيم الخليل، على نبينا، وعليهم ألف صلاة، وألف سلام، وقد ذكره الله في الآيتين [٥٤ و ٥٥] من سورة (مريم) عليهاالسّلام، وتكرر ذكره في القرآن كثيرا، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٧] وما بعدها من سورة (إبراهيم) بشأنه، وشأن أمه.

(إدريس): انظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٦] من سورة (مريم) عليهاالسّلام، ولم يذكر في غير سورة (مريم) وهذه السورة. أما (ذو الكفل) فذكر باسمه فقط في هذه الآية، وفي الآية رقم [٤٨] من سورة (ص)، أما المفسرون فقد اختلفوا فيه، فقال الزمخشري، وتبعه البيضاوي، والنسفي:

هو إلياس. وقيل: زكريا، وقيل: يوشع بن نون، وكأنه سمّي بذلك؛ لأنه ذو الحظ من الله، والمجدود على الحقيقة. وقيل: كان له ضعف عمل الأنبياء في زمانه، وضعف ثوابهم. وكيف يقبل هذا؛ وزكريا-عليه السّلام-يذكر بعد آيتين تبينان فضل الله عليه. هذا؛ وأما الخازن فقد ذكر قصة منقولة عن الثعلبي ملخصها: أن نبيا من بني إسرائيل وكان ملكا شرط على من يكون خليفة من بعده أن يتحلى بثلاثة أمور: بقيام الليل، وصيام النهار، وعدم الغضب، فتكفل بها ذو الكفل، ووفى بها، وقد حاول إبليس أن يغضبه، فلم يفلح.

هذا؛ وقال القرطبي: وخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول وغيره من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «كان في بني إسرائيل رجل، يقال له: ذو الكفل، لا يتورّع من ذنب عمله، فأتته امرأة، فأعطاها ستّين دينارا على أن يطأها، فلمّا قعد منها مقعد الرجل من امرأته؛ ارتعدت، وبكت، فقال: ما يبكيك؟ أأكرهتك؟ قالت: لا، ولكنّه عمل ما عملته قطّ، وما حملني عليه إلاّ الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا، وما فعلته، اذهبي، فهي لك، وقال: والله، لا أعصي الله بعدها أبدا، فمات من ليلته، فأصبح مكتوبا على بابه: إنّ الله قد غفر لذي الكفل». قال: حديث حسن. انتهى. وهذا الحديث مذكور في الترغيب والترهيب للحافظ المنذري رحمه الله تعالى.

وقال أبو موسى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ ذا الكفل لم يكن نبيا، ولكنّه كان عبدا صالحا، فتكفّل بعمل رجل صالح عند موته، وكان يصلّي لله كلّ يوم مئة صلاة، فأحسن الله الثناء عليه». وقيل:

غير ذلك فيه. هذا؛ وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لم يكن نبيّا» صريح بأنه كان عبدا صالحا، وليس بنبي.

وقال القرطبي: الجمهور على أنه ليس بنبي انتهى. وأما علماء التوحيد؛ فإنهم يعدونه نبيا مرسلا، ويعدّونه من جملة المرسلين الخمسة والعشرين المذكورين بأسمائهم في القرآن الكريم. انظر الآية رقم [٨٦] من سورة (الأنعام) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، ولعلهم اعتمدوا في ذلك على ذكره في

<<  <  ج: ص:  >  >>