هذا؛ وتقول: رابني هذا الأمر، وأوقعني في ريبة، أي في شك. وحقيقة الريبة: قلق النفس، واضطرابها. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». أخرجه الترمذي والنسائي عن الحسن بن علي سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وريحانته، -رضي الله عنهما-.
الإعراب: {تَنْزِيلُ:} فيه، أوجه خمسة: أحدها: أنه خبر عن {الم} لأن {الم} يراد به السورة، وبعض القرآن، و {تَنْزِيلُ} بمعنى منزّل، والجملة من قوله: {لا رَيْبَ فِيهِ} حال من الكتاب، والعامل فيها {تَنْزِيلُ؛} لأنه مصدر، و {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} متعلق به أيضا، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في {فِيهِ} لوقوعه خبرا، والعامل فيه الظرف، أو الاستقرار.
الثاني: أن يكون {تَنْزِيلُ} مبتدأ، و {لا رَيْبَ فِيهِ} خبره، و {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} حالا من الضمير {فِيهِ،} ولا يجوز حينئذ أن يتعلق ب: {تَنْزِيلُ؛} لأن المصدر قد أخبر عنه، فلا يعمل، ومن يتسع في الجار، لا يبالي بذلك.
الثالث: أن يكون {تَنْزِيلُ} مبتدأ أيضا، و {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ:} خبره، و {لا رَيْبَ فِيهِ:}
حالا، أو معترضا.
الرابع: أن يكون {لا رَيْبَ فِيهِ} و {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} خبرين ل: {تَنْزِيلُ}.
الخامس: أن يكون {تَنْزِيلُ} خبر مبتدأ مضمر، التقدير: هذا تنزيل، أو: المتلوّ تنزيل، أو:
هذه الحروف تنزيل، ودلت {الم} على ذكر الحروف، وكذلك: {لا رَيْبَ فِيهِ،} وكذلك {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} فتكون كل جملة مستقلة برأسها، ويجوز أن تكونا حالين من تنزيل، وأن تكون:
{مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} هي الحال، و {لا رَيْبَ فِيهِ} معترض. انتهى. جمل نقلا عن السمين بتصرف مني، وهو ملخص ما في العكبري، والكشاف، والبيضاوي، وما قاله مكي والنسفي... إلخ.
و {تَنْزِيلُ} مضاف، و {الْكِتابِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف.
{لا:} نافية للجنس تعمل عمل «إنّ». {رَيْبَ:} اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب.
{فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر {لا،} والجملة الاسمية رأيت ما فيها من أوجه. {مِنْ رَبِّ:} انظر ما يجوز في تعليقهما من أوجه، و {رَبِّ} مضاف، و {الْعالَمِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه.
{أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)}
الشرح: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ:} هذه «أم» المنقطعة، التي تقدر ب: «بل» و «ألف الاستفهام»؛ إذ التقدير: بل أيقولون افتراه، وهي تدل على الخروج من حديث إلى حديث، فإن الله عزّ وجلّ