للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكون الرحمة قريبة من المحسنين؛ لأن الإنسان في كل ساعة من الساعات في إدبار عن الدنيا، وإقبال على الآخرة، وإذا كان كذلك؛ كان الموت أقرب إليه من الحياة، وليس بينه وبين رحمة الله-التي هي الثواب في الآخرة-إلا الموت، وهو قريب من الإنسان. انتهى خازن.

وانظر الآية رقم [١٥٦]. والمحسنون: هم الذين أحسنوا المعاملة مع الله، ومع عباده.

هذا؛ و {قَرِيبٌ} مذكر، و {رَحْمَتَ} مؤنث، وهو خبر عنها، وقد ذكر المفسرون أقوالا كثيرة في هذا التذكير، لا طائل تحتها، كما ذكر أبو البقاء، ومكي تأويلات، لا تكاد تكون مقبولة. واذكر أن الخبر ذكّر؛ لأن {رَحْمَتَ} اكتسب التذكير من المضاف إليه. وقد أشار الجلال إلى ذلك. واكتساب التذكير من المضاف إليه، واكتساب التأنيث من المضاف إليه أيضا باب من أبواب النحو. انظر الشاهد [٩٠١] وما بعده من كتابنا: «فتح القريب المجيب» تجد ما يسرك.

الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تُفْسِدُوا:} مضارع مجزوم ب‍ (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة لا محل لها على الوجهين. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {بَعْدَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، و {بَعْدَ:} مضاف، و {إِصْلاحِها:} مضاف إليه، و (ها): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. (ادعوه): فعل أمر وفاعله، ومفعوله. وانظر مثله في الآية السابقة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {خَوْفاً:} حال من واو الجماعة، بمعنى: خائفين. وقيل: مفعول لأجله. {وَطَمَعاً:}

معطوف على ما قبله. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَحْمَتَ:} اسمها، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {قَرِيبٌ:} خبر: {إِنَّ}. {مِنَ الْمُحْسِنِينَ:} جار ومجرور متعلقان بقريب، والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ مفيدة للتعليل، لا محل لها.

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧)}

الشرح: {يُرْسِلُ الرِّياحَ:} يبعثها. ويقرأ: «(الريح)» بالإفراد. هذا؛ وذكر سبحانه في الآية رقم [٢/ ١٦٤]: أن من الآيات الدالة على قدرته تصريف الرياح، وتصريفها تقليبها شمالا وجنوبا، وقبولا ودبورا، فالشمال: هي التي تهب من جانب القطب الشمالي، والجنوب تقابلها، والقبول (بفتح القاف) وهي ريح الصّبا (بفتح الصاد) وهي التي تهب من مطلع الشمس، والدبور (بفتح الدال) تقابلها، وهي التي تأتي من جهة مغرب الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>