للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتعلقه محذوف، والفاعل يعود إلى (من). {وَعَمِلَ:} فعل ماض معطوف على ما قبله، والفاعل يعود إلى (من) أيضا. {صالِحاً:} مفعول به. {فَإِنَّهُ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط.

(إنه): حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. {يَتُوبُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (من) أيضا، تقديره: «هو». {إِلَى اللهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بالمصدر بعدهما. {مَتاباً:} مفعول مطلق، وهو مصدر ميمي مؤكد لفعله، والجملة الفعلية: {يَتُوبُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية: (إنه...) إلخ في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [٦٨].

هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا فهو مبتدأ، وجملة: {تابَ} مع المتعلق المحذوف صلته، وخبره: الجملة الاسمية: {فَإِنَّهُ..}. إلخ ودخلت الفاء عليها، وهي خبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية: (من تاب...) إلخ مستأنفة، لا محل لها، وهو أقوى من العطف على ما قبلها. تأمل.

{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (٧٢)}

الشرح: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} أي: لا يحضرون مجالس الباطل، وعن ابن الحنفية: اللهو، والغناء. وعن مجاهد: أعياد المشركين. والزور: كل باطل زوّر وزخرف وزين، وأعظمه الشرك، وتعظيم الأنداد، والمعاندين لله. وقال علي بن أبي طلحة ومحمد بن علي: المعنى لا يشهدون بالزور. وقال الزمخشري: ويحتمل: أنهم لا يشهدون شهادة الزور، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. هذا؛ وانظر ما ذكرته في شهادة الزور في الآية رقم [٣٠] من سورة (الحج).

{وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ:} اللغو: ما ينبغي أن يلغى ويطرح. والمعنى: إذا مروا بأهل اللغو، والمشتغلين به؛ مروا معرضين عنهم، مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم، والخوض معهم، كقوله تعالى: {وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ} الآية رقم [٥٥] من سورة (القصص). هذا؛ ومن ترك اللغو: الإغضاء عن الفواحش، والصفح عن الذنوب، والكناية عما يستهجن التصريح به.

{كِراماً} أي: مروا مرّ الكرام الذين لا يدخلون في الباطل، يقال: تكرم فلان عما يشينه، أي: تنزه، وأكرم نفسه عنه. روي أن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-سمع غناء، فأسرع، وذهب، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «لقد أصبح ابن أمّ عبد كريما». كيف لا؟ وقد قال-رضي الله عنه-: الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء الزرع. قال القرطبي: من الغناء ما ينتهي سماعه إلى التحريم، وذلك كالأشعار التي توصف فيها الصور

<<  <  ج: ص:  >  >>