{كَرِيمٍ} أي: ليس بعذب، ولا كريم المنظر، والرائحة. قال الضحاك: كل شراب ليس عذبا، فليس بكريم، وكل ما لا خير فيه؛ فليس بكريم. هذا؛ وقال ابن جرير: العرب تتبع هذه اللفظة في النفي، فيقولون: هذا الطعام ليس بطيب، ولا كريم، وهذا اللحم ليس بجيد، ولا كريم.
وفي هذا فن الاحتراس، فإن كلمة (ظل) تفيد الراحة، والسرور، فنفى الله عنه ذلك بقوله:{لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}.
الإعراب:{وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ:} انظر الاية رقم [٨] فالإعراب لا يتغير. {فِي سَمُومٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ثان ل: (أصحاب الشمال)، أو هما متعلقان بمحذوف خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم في سموم، والجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان ل:(أصحاب الشمال) كما تقدم، أو هي مستأنفة، لا محل لها. {وَحَمِيمٍ:} الواو: حرف عطف. (حميم): معطوف عليه. {وَظِلٍّ:} معطوف على ما قبله. {مِنْ يَحْمُومٍ:} متعلقان بمحذوف صفة (ظل). {لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ:} صفتان ل: (ظل) منفيتان ب: (لا) النافية، انظر الاية رقم [٣٣] فهي مثلها بلا فارق.
الشرح:{إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ} يعني: في الدنيا، {مُتْرَفِينَ:} منعمين مرفهين مقيمين على الشهوات، مقبلين على الملذات، فمنعهم ذلك من الانزجار، وشغلهم عن الاعتبار. {وَكانُوا يُصِرُّونَ} أي: يقيمون على ما هم عليه، ولا ينوون مفارقته. {عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} أي: على الشرك، وكانوا يحلفون أن لا بعث، ولا حساب، وأن الأصنام أنداد الله. قال تعالى مخبرا عنهم:
{وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ..}. إلخ.
هذا؛ والحنث: الذنب صغيرا كان، أو كبيرا. فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلاّ أدخله الله الجنّة بفضل رحمته إيّاهم». رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما. وفي رواية:«ثلاثة من الولد».
{وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا} يقرأ هذان اللفظان بقراآت كثيرة، جملتها تسع، وكلها سبعية، وهذه الاية ذكرت بحروفها كاملة في سورة (المؤمنون) رقم [٨٢]، وفي سورة (الصافات) برقم [١٦] وبمعناها في الاية رقم [٤٩] و [٩٨] من سورة (الإسراء).