للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمير هم المتصل بالمنفصل، فلذلك قال: {أَلْقُوا} إكراما، وتسامحا، أو ازدراء بهم، ووثوقا بعلو شأنه. انتهى.

الإعراب: {قالُوا:} فعل، وفاعل، والألف للتفريق. {يا مُوسى:} منادى مفرد علم مبني على ضم مقدر على الألف المقصورة في محل نصب بأداة النداء، والجملة الندائية في محل نصب مقول القول. {إِمّا:} أداة شرط، وتفصيل، وهي هنا مفيدة للتخيير، والمصدر المؤول من {أَنْ تُلْقِيَ} قال الجمل: فيه ثلاثة أوجه: أحدها النصب بفعل مقدر، أي: افعل إما إلقاءك، وإما إلقاءنا. كذا قدره الشيخ، وفيه نظر؛ لأنه لا يفعل إلقاءهم، فينبغي أن يقدر فعل لائق بذلك، وهو: «اختر». الثاني الرفع على أنه خبر ابتداء مضمر، تقديره: أمرك إما القاؤك، وإما إلقاؤنا. الثالث أن يكون مبتدأ خبره محذوف، تقديره: إما لقاؤك مبدوء به، وإما إلقاؤنا مبدوء به. انتهى. أقول: والمعتمد القول الأخير. {أَنْ:} حرف ناصب مصدري. و {نَكُونَ:} مضارع ناقص منصوب ب‍ {أَنْ} واسمه مستتر تقدير: «نحن»: {نَحْنُ:} انظر مثله في الآية رقم [١١٢].

{الْمُلْقِينَ:} خبر {نَكُونَ} منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وقد حذف مفعوله كما رأيت في الشرح، والكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قالَ أَلْقُوا فَلَمّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النّاسِ وَاِسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)}

الشرح: {قالَ أَلْقُوا:} انظر الآية السابقة. {فَلَمّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النّاسِ:} صرفوا أعين الناس عن إدراك حقيقة ما فعلوه من التمويه، والتخييل. وهذا هو السحر، وهذا هو الفرق بين السحر الذي هو فعل البشر، وبين معجزة الأنبياء-عليهم الصلاة والسّلام-التي هي فعل الله، وذلك لأن السحر قلب الأعين، وصرفها عن إدراك ذلك الشيء، والمعجزة: قلب نفس الشيء عن حقيقته، كقلب عصا موسى-عليه الصلاة والسّلام-حية تسعى. {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ:} خوفوا الناس، وأفزعوهم بما فعلوا من السحر. {وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ:} وذلك: أنهم ألقوا حبالا غلاظا، وخشبا طوالا، فإذا هي حيات كأمثال الجبال قد ملأت الوادي، يركب بعضها بعضا، وأوجس في نفسه خيفة موسى، وهذه الخيفة لم تحصل له لأجل السحر؛ لأنه كان على ثقة، ويقين: أنهم لن يغلبوه، وإنما كان خوفه أن يتفرق الناس خوفا مما رأوا قبل ظهور معجزته، وحجته. انتهى خازن بتصرف كبير. {النّاسِ:} انظر الآية رقم [٨٢]. {وَجاؤُ:} انظر الآية رقم [٤]. {أَعْيُنَ:} جميع: عين، وتجمع على: عيون، وأعيان أيضا، وأعيان غير مشهور، وقليل الاستعمال. هذا؛ و {أَعْيُنَ} جمع قلة، وغيره جمع كثرة، والمراد بها هنا: العين الباصرة. هذا؛ وتطلق على الجاسوس، كما في قولهم: بث الأمير

<<  <  ج: ص:  >  >>