للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: على حبهم الله، أو على حبهم الطعام.

{مِسْكِيناً:} مفعول به ثان، وما بعده معطوف عليه.

{إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩)}

الشرح: {إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ:} لأجل الله، وطلب ثوابه، ومرضاته؛ أي: يقولون ذلك بألسنتهم للمسكين، واليتيم، والأسير. {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً:} مكافأة على ذلك. {وَلا شُكُوراً} أي:

ولا أن تثنوا علينا بذلك. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كذلك كانت نياتهم في الدنيا حين أطعموا، وعن سالم عن مجاهد؛ قال: أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علمه الله جل ثناؤه منهم، فأثنى به عليهم؛ ليرغب في ذلك راغب. وقيل: قالوا ذلك؛ ليقتدي بهم غيرهم، وذلك: أن الإحسان إلى الغير تارة يكون لأجل الله تعالى، لا يراد به غيره، فهذا هو الإخلاص، وهذا ما فعله الصديق-رضي الله عنه-وأثنى الله به عليه في قوله في سورة (الليل): {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى}.

وتارة يكون لطلب المكافأة، أو لطلب الحمد، والثناء من الناس، أو لهما، وهذان القسمان مردودان، لا يقبلهما الله تعالى؛ لأن فيهما رياء، وشركا، انظر الآية رقم [٢٦٢] من سورة (البقرة)، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قد شدد النكير على المرائين، والأحاديث في ذلك كثيرة مسطورة، أكتفي منها بما يلي: عن شداد بن أوس-رضي الله عنه-: أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صام يرائي؛ فقد أشرك، ومن صلّى يرائي؛ فقد أشرك، ومن تصدّق يرائي فقد أشرك». رواه البيهقي.

هذا؛ ولا يفوتني أن أذكر أن شكر المعروف واجب، والثناء على فاعله من غير أن يبتغيه لا بأس به. وخذ ما يلي: فعن جابر-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أعطي عطاء، فوجد؛ فليجز به، فإن لم يجد؛ فليثن، فإنّ من أثنى؛ فقد شكر، ومن كتم؛ فقد كفر، ومن تحلّى بما لم يعط؛ كان كلابس ثوبي زور». أخرجه الترمذي. وعن أسامة بن زيد-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صنع إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيرا؛ فقد أبلغ في الثّناء».

وعن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدّث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب». ورحم الله من يقول: [الطويل]

ومن لم يؤدّ الشكر للنّاس لم يكن... لإحسان ربّ النّاس يوما بشاكر

ولا تنس: أن الله جل ثناؤه قد قرن شكره بشكر الوالدين، وذلك بقوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} رقم [١٤] من سورة (لقمان).

<<  <  ج: ص:  >  >>