للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأعلى]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (الأعلى) مكية في قول الجمهور. وقال الضّحّاك مدنية. وهي تسع عشرة آية، واثنتان وسبعون كلمة، ومئتان وواحد وتسعون حرفا. انتهى. خازن. وقال النووي-رحمه الله تعالى-:

وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يحبها لكثرة ما اشتملت عليه من العلوم، والخيرات، وعن عبد الرحمن بن جريج؛ قال: سألنا عائشة-رضي الله عنها-بأي شيء كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوتر؟ قالت: كان يقرأ في الأولى ب‍: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى،} وفي الثانية ب‍: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ،} وفي الثالثة ب‍: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} والمعوذتين. أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي. وقال: حديث حسن غريب. انتهى. جمل والخازن.

وروى مسلم، وأهل السنن عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في العيدين، ويوم الجمعة ب‍: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى،} و {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ} وربما اجتمعا في يوم واحد، فقرأهما.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥)}

الشرح: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أي: نزه يا محمد ربّك العلي الكبير عن صفات النقص، وعما يقوله الظالمون، وعما لا يليق به سبحانه وتعالى من النقائص، والقبائح. فقد روي: أنه لما نزل:

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في سجودكم». ولما نزل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} من سورة (الواقعة) قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في ركوعكم». أخرجه أبو داود عن عقبة ابن عامر-رضي الله عنه-. هذا؛ والتسبيح يأتي بمعنى الدعاء. قال جرير: [الطويل]

فلا تنس تسبيح الضّحى إنّ يوسفا... دعا ربّه فاختاره حين سبّحا

هذا؛ وقد جاء لفظ التسبيح في القرآن الكريم بالماضي أحيانا، وبالمضارع أحيانا، وبالأمر أحيانا، وبالمصدر أحيانا أخرى، استيعابا لهذه المادة من جميع جهاتها، وألفاظها، وهي أربع المصدر، والماضي، والمضارع، والأمر. وهذا الفعل بألفاظه الأربعة قد عدي باللام تارة، مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>