{قُلِ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَمِنْ كُلِّ:} معطوفان على {مِنْها،} فهما متعلقان حكما بالفعل السابق، و {كُلِّ:} مضاف، و {كَرْبٍ:} مضاف إليه. {ثُمَّ:} حرف عطف. {أَنْتُمْ:}
ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، وجملة: {تُشْرِكُونَ} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الاسمية السابقة، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، تأمل، وتدبر وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
{قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ اُنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥)}
الشرح: {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} أي: كما فعل بقوم نوح، وقوم لوط، وأصحاب الفيل، وعاد، وثمود. {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} أي: كما أغرق فرعون، وخسف بقارون. وقيل: من {فَوْقِكُمْ:} أكابركم، وحكامكم. {مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ:} سفلتكم، وعبيدكم.
ولا وجه له. {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً:} يخلطكم فرقا متحزبين على أهواء شتى، فيتسبب القتال بينكم.
وفي الخازن: {شِيَعاً} جمع شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر. فهم شيعة، وأشياع، وأصله من التشيع، ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضا. وقيل: الشيعة هم الذين يتوقى بهم الإنسان. انتهى.
وفي القاموس: وشيعة الرجل-بالكسر-: أتباعه، وأنصاره، والفرقة على حدة، وتقع على الواحد، والاثنين، والجمع، والمذكر، والمؤنث. وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى عليّا وأهل بيته، حتى صار اسما لهم خاصة. والجمع: أشياع، وشيع، كعنب. انتهى.
{وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ:} يعني: يقتل بعضكم بعضا، هذا هو ما عليه المسلمون في هذه الأيام من الاختلافات، وسفك بعضهم دماء بعض.
قال الخازن: ثم اختلف المفسرون فيمن عنى الله بهذه الآية، فقال قوم: عنى بها المسلمين من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وفيهم نزلت هذه الآية. قال أبو العالية: هن أربع صفات ذكرت في الآية الكريمة، وكلهن عذاب، فجاءت اثنتان بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخمس وعشرين سنة، فألبسوا شيعا، وأذيق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان، وهما لا بد واقعتان، يعني: الخسف، والمسخ.
عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: لما نزلت هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعوذ بوجهك. {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: أعوذ بوجهك. {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال: هذا أهون، أو هذا أيسر». رواه البخاري.
وعن سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-: أنه أقبل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم من العالية حتى إذا مرّ بمسجد بني معاوية، دخل، فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا به طويلا، ثم انصرف