مؤخر، وهو مضاف، و {جَهَنَّمَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمية، {خالِداً}: حال من الضمير المجرور باللام، وفاعله مستتر فيه. {فِيها}: متعلقان ب {خالِداً،} و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف، فالخلود في جهنم ثابت لهم، أو في رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير:
فالواجب خلودهم في جهنم، هذا؛ وقرئ بكسر همزة «(إنّ)» فتكون الجملة الاسمية تامة، ولا تحتاج إلى تقدير محذوف، وعلى الوجهين: فالجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو من مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [٢٤]، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي الفعل {يَعْلَمُوا} والجملة الفعلية: {أَلَمْ يَعْلَمُوا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، هذا الإعراب هو الذي أعتمده، وهناك أقوال وتأويلات، وتكلفات لا وجه لها أعرضت عنها، {ذلِكَ}: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام: للبعد، والكاف: حرف خطاب لا محل لها. {الْخِزْيُ}:
خبر المبتدأ. {الْعَظِيمُ}: صفته، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ}: يخافون ويخشون. {أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} أي: على المؤمنين.
{تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ}: تخبر المؤمنين بما في قلوب المنافقين، فتهتك أستارهم، وتكشف نواياتهم الخبيثة، ولذا سميت هذه السورة: الفاضحة، والمخزية، والمبعثرة، والمثيرة، كما رأيت في أولها، ويجوز أن تكون الضمائر كلها عائدة على المنافقين، فإن النازل فيهم كالنازل عليهم، من حيث إنه مقروء، ومحتج به عليهم، وقيل: إن الكلام خبر في معنى الأمر، أي: ليحذر المنافقون، وقال السدي: قال بعض المنافقين: والله وددت لو أني قدمت، فجلدت مائة، ولا ينزل فينا شيء يفضحنا، فنزلت الآية الكريمة. {قُلِ اسْتَهْزِؤُا}: أمر تهديد ووعيد، كقوله تعالى:{اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ،}{إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ}: مظهر للناس {ما تَحْذَرُونَ}: ما تخافون ظهوره وبروزه.
بعد هذا ف {الْمُنافِقُونَ} جمع: منافق، وقد سمي المنافق منافقا، أخذا من نافقاء اليربوع، وهو حجره الذي يقيم فيه، فإنه يجعل له بابين، يدخل من أحدهما، ويخرج من الآخر، فكذلك المنافق يدخل مع المؤمنين بقوله: أنا مؤمن، ويدخل مع الكفار بقوله: أنا كافر. انتهى جمل.
هذا؛ وقد يتصف مؤمن بصفات المنافقين، فيكذب، ويخلف الوعد، ويخون في الأمانة، ويفجر في الخصومة، وما أكثرهم في هذا الزمن، فهذا يقال له: نفاق العمل، وأما الأول فيقال له:
نفاق العقيدة؛ لأنه يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهو أخبث من الكفر، وعقابه أشد منه، قال