للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ} وقد حذر الرسول صلّى الله عليه وسلّم من نفاق العمل، والاتصاف به؛ لأنه قد يجر إلى نفاق العقيدة، فقال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان». وغير ذلك كثير. {تُنَبِّئُهُمْ}: انظر الآية رقم [١٠١] (الأعراف).

{اِسْتَهْزِؤُا}: الاستهزاء بالشيء السخرية منه، والاستخفاف به، وهو مذموم، وصاحبه مطرود من رحمة الله تعالى، وانظر ما تفيده سورة (الحجرات)؛ إن كنت من أهل القرآن، وانظر عدد المنافقين والمنافقات في الآية رقم [٦٨] الآتية.

{سُورَةٌ}: هي الطائفة من القرآن، التي أقلها ثلاث آيات، منقولة من سور المدينة؛ لأنها محيطة بطائفة من القرآن، محتوية على أنواع من العلم، احتواه سور المدينة على ما فيها، أو من السّورة، وهي الرتبة؛ لأن السّور كالمراتب والمنازل، يرتقي فيها القارئ، ولها مراتب في الطول والقصر، والفضل والشرف، وثواب القراءة، قال النابغة في مدح النعمان بن المنذر: [الطويل]

ألم تر أنّ الله أعطاك سورة؟ ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب

والحكمة في تفصيل القرآن، وتقطيعه سورا كثيرة، منها: أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع، واشتمل على أصناف كان أحسن من أن يكون بيانا واحدا، ومنها: أن القارئ إذا ختم سورة، ثم أخذ في أخرى كان أنشط له، وأبعث على القراءة منه لو استمر على القرآن بطوله؛ ومن ثم جزأ القرآن أسباعا وأجزاء وعشورا، وأخماسا، ومنها: أن الحافظ إذا حفظ سورة؛ اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها، لها فاتحة وخاتمة فيعظم عنده ما حفظه، ويجل في نفسه، ومنه حديث أنس رضي الله عنه (كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلّ فينا) أي: عظم، ولذا أنزل الله التوراة، والإنجيل، والزبور، وسائر ما أوحاه إلى أنبيائه مسورة، مترجمة السور، وبوب المصنفون في كل فن من كتبهم، أبوابا موشحة الصدور بالتراجم. انتهى. نسفي في غير هذه السورة بتصرف كبير مني.

الإعراب: {يَحْذَرُ}: مضارع. {الْمُنافِقُونَ}: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ.

{أَنْ}: حرف مصدري ونصب، {تُنَزَّلَ}: مضارع مبني للمجهول منصوب ب‍ {أَنْ،} {عَلَيْهِمْ}: متعلقان بما قبلهما. {سُورَةٌ}: نائب فاعل، والمصدر المؤول من {أَنْ تُنَزَّلَ} في محل نصب مفعول به. وقيل: في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: من تنزيل سورة، والأول أقوى؛ لأن {يَحْذَرُ} متعد، {تُنَبِّئُهُمْ}: مضارع والفاعل يعود إلى سورة، والهاء:

مفعول به. {بِما}: متعلقان بما قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء. {فِي قُلُوبِهِمْ}: متعلقان بمحذوف صلة ما، أو بمحذوف صفتها، والتقدير: بالذي استقر في قلوبهم، أو بشيء كائن في قلوبهم، وجملة: {تُنَبِّئُهُمْ..}. إلخ في محل رفع صفة {سُورَةٌ،} وجملة: {يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ..}.

<<  <  ج: ص:  >  >>