للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان في أول الحال، لا ينفك عن شبهة وشك، فإذا كثرت الدلائل، وتوافقت صارت سببا لحصول اليقين، والطمأنينة في القلب، وزالت الشبهة عند ذلك. انتهى. وينبغي أن تعلم أن اليقين من: يقن الثلاثي، وأما الإيقان فإنه من أيقن الرباعي. تأمل، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: (كذلك): جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف عامله الفعل الذي بعده، التقدير: نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض رؤية كائنة مثل رؤيته ضلال أبيه. أو عامله محذوف قبله، التقدير: كما رأى أباه وقومه في ضلال مبين أريناه ذلك. وجوز أبو البقاء تعليق الجار والمجرور بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: والأمر كائن مثل ذلك، والأول أقوى، وأعرف عند النحاة، وانظر الآية رقم [٥٣] لتفصيل إعراب كذلك. {نُرِي:} مضارع مرفوع... إلخ، والفاعل تقديره: «نحن». {إِبْراهِيمَ:} مفعول به أول. {مَلَكُوتَ:} مفعول به ثان، و (هو) مضاف، و {السَّماواتِ:} مضاف إليه. (الأرض): معطوف على سابقه. (ليكون): مضارع ناقص منصوب ب‍:

«أن» مضمرة بعد لام التعليل، واسمه يعود إلى {إِبْراهِيمَ}. {مِنَ الْمُوقِنِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر (يكون) و «أن» المضمرة، والفعل يكون في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور معطوفان على جار ومجرور محذوفين، وهما متعلقان بالفعل: {نُرِي،} وتقدير الكلام: أريناه ملكوت... إلخ ليستدل على قدرة الله تعالى، وليكون من الموقنين، أي لاستدلاله، ولكينونته {مِنَ الْمُوقِنِينَ،} وجملة (كذلك... إلخ) مستأنفة على جميع الاعتبارات فيها.

{فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)}

الشرح: {جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ:} أقبل الليل على إبراهيم، وستره بظلامه، وغطاه. هذا؛ والجن ضد الإنس، والواحد جني، سموا بذلك لاستتارهم عن أعين الناس، والجنين: الولد في بطن أمه، سمي بذلك لاستتاره أيضا عن الأعين، والجنة: البستان الكثير الأشجار، سمي بذلك لأنه يستر ما فيه لكثرة أشجاره، وهي بفتح الجيم. هذا؛ والجنّة بكسر الجيم: الجنون، وسمي بذلك لأنه يغطي العقل ويذهب به، انظر الآية رقم [١٨٤] من سورة (الأعراف)، وجنّ فلان: ذهب عقله. وهو ملازم للبناء للمجهول، ويقال: أجنه الليل إجنانا، وجن عليه، يجن ويجن جنونا، وإذا قالوا: أجن؛ لم يأتوا بعلى، وإذا قالوا: جن؛ أدخلوا على، كما في الآية الكريمة، وأضيف: أن (أجن) بتخفيف النون، وضم الجيم، وكسرها بمعنى: تغير، يقال: أسن الماء، وأجن: إذا تغير طعمه، وريحه، ويقال: في صدره أجن، أي: حقد، قال الشاعر: [الطويل]

إذا كان في صدر ابن عمّك أجنة... فلا تستزدها سوف يبدو دفينها

هذا؛ وانظر شرح {اللَّيْلُ} في الآية رقم [٩٦]. {رَأى كَوْكَباً} أي: لامعا، وهو الزهرة، أو المشتري. {هذا رَبِّي:} انظر الآية رقم [١] من سورة (الفاتحة). {أَفَلَ:} غاب. {قالَ:} انظر

<<  <  ج: ص:  >  >>