للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذين الاعتبارين فصل بين يعقوب وبين الواو العاطفة بالظرف، وهذا لا يجيزه كثيرون، هذا؛ وعلى قراءة: «(يعقوبُ)» بالرفع فهو مبتدأ مؤخر، والجار والمجرور: {وَمِنْ وَراءِ} متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والجملة الاسمية هذه مستأنفة لا محل لها.

{قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢)}

الشرح: {يا وَيْلَتى}: قال الزجاج: أصلها: يا ويلتي، فأبدل من الياء ألف؛ لأنها أخف من الياء، والكسرة. هذا؛ وقد قرئ بالياء على الأصل، قال القرطبي: ولم ترد الدعاء على نفسها بالويل، ولكنها كلمة تخف على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يعجبن منه، وعجبت من ولادتها، وكون بعلها شيخا لخروجه عن العادة، وما خرج عن العادة مستغرب ومستنكر. انتهى. وانظر شرح (الويل) في الآية رقم [٢] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام.

قال البيضاوي: أصله في الشر، فأطلق في كل أمر فظيع، أقول: وهي كلمة تحسر وتلهف، تستعمل عند الداهية العظيمة، وما قول قابيل في المائدة رقم [٣١] منك ببعيد. {أَأَلِدُ}: أصله أولد، حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها، وهما: الياء، والكسرة في مضارع الغائب (يلد) وتحذف من مضارع المتكلم والمخاطب قياسا عليه. {عَجُوزٌ} أي: طاعنة في السن، ويقال:

شهلة، وشهبرة، وشهربة، وشمطاء، وشيخة لكل امرأة طاعنة في السن، قال صاحب مختار الصحاح: ولا تقل عجوزة، والعامة تقوله، والجمع عجائز وعجز، وفي حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الجنة لا يدخلها العجز». {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً}: وهذا زوجي رجل كبير، قيل: كان عمر إبراهيم عليه السّلام مائة وعشرين سنة وعمرها تسعا وتسعين سنة، والبعل: الزوج، وفي الخازن:

والبعل: هو المستعلي على غيره، ولما كان الزوج مستعليا على المرأة، قائمة بأمرها سمي بعلا. انتهى. ويقال للمرأة أيضا: بعل وبعلة، كما يقال لها: زوج وزوجة.

هذا؛ والشيخ: هو الذي استبانت فيه السن، وظهر عليه الشيب، وفي اللغة: هو من تجاوز الأربعين من عمره، وهو السن الذي يكمل فيه العقل، ويغلب فيها صلاح الرجل على فساده، ومن لم يكمل بعد الأربعين، ولم يرجع إلى صوابه فهو من الخاسرين.

قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من بلغ من العمر أربعين سنة، ولم يغلب خيره على شرّه، فليتجهّز إلى النار». وأصبح الأمل في صلاحه بعيدا، قال الشاعر: [الطويل]

وإنّ سفاه الشيخ لا حلم بعده... وإنّ الفتى بعد السّفاهة يحلم

ويجمع على شيوخ، وشيوخ، وأشياخ، ومشيخة، وشيخان، وشيخة، وجمع الجمع:

مشايخ، وأشاييخ، ويطلق الشيخ على الأستاذ، والعالم، وكبير القوم، ورئيس الصناعة، وعلى من كان كبيرا في أعين الناس، علما أو فضيلة أو مقاما ونحو ذلك، وشيخ النار كناية عن إبليس

<<  <  ج: ص:  >  >>