للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قول قتادة أيضا. الثاني: أن صفونها: رفع إحدى اليدين، أو الرجلين-وهو أولى- على طرف الحافر، حتى يقوم على ثلاث، كما قال الشاعر، وهو الشاهد رقم (٦٠٠) من كتابنا:

«فتح القريب المجيب»: [الكامل]

ألف الصّفون فما يزال كأنّه... ممّا يقوم على الثّلاث كسيرا

{الْجِيادُ} أي: الخيل، جمع جواد للفرس، وهو يطلق على الذكر، والأنثى، كما يقال للإنسان: جواد: إذا كان كثير العطية غزيرها، ويقال: قوم أجواد، وخيل جياد. وقيل: إنها الطويلة الأعناق، مأخوذ من الجيد، وهو العنق؛ لأن طول الأعناق في الخيل من صفات فراهتها. وقال الجلال: جمع جواد، وهو السابق. المعنى: أنها إذا استوقفت سكنت، وإن ركضت؛ سبقت.

هذا؛ واختلف في هذه الخيل التي عرضت عليه، فقال الكلبي: غزا سليمان أهل دمشق، ونصيبين، فأصاب منهم ألف فرس. وقال مقاتل: ورث سليمان من أبيه داود ألف فرس، وكان أبوه أصابها من العمالقة. وقال الحسن: بلغني: أنها كانت خيلا خرجت من البحر لها أجنحة.

وقاله الضحّاك؛ وأنها كانت خيلا أخرجت لسليمان من البحر منقوشة ذات أجنحة. وقال ابن زيد:

أخرج الشيطان لسليمان الخيل من البحر من مروج البحر، وكانت لها أجنحة. وقيل: كانت مئة فرس. وفي الخبر عن إبراهيم التيمي: أنها كانت عشرين ألفا. فالله أعلم. انتهى. قرطبي.

الإعراب: {إِذْ:} ظرف مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل محذوف، تقديره:

اذكر، أو هو مفعول به لهذا المقدر، وقال أبو البقاء: يجوز أن يكون ظرفا ل‍: {أَوّابٌ}. وأن يكون العامل فيه {نِعْمَ}. {عُرِضَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {بِالْعَشِيِّ:} متعلقان به أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال من العرض المفهوم من {عُرِضَ}. {الصّافِناتُ:} نائب فاعل، وهو صفة لموصوف محذوف. {الْجِيادُ:} صفة ثانية للموصوف المحذوف. وجملة: {عُرِضَ عَلَيْهِ} في محل جر بإضافة (إذ) إليها.

{فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢)}

الشرح: {فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي..}. إلخ: المعنى: آثرت حب الخير. وفسر بالخيل التي رأيتها في الآية السابقة، فقد روي: أنه قعد يوما بعدما صلى الظهر على كرسيه، واستعرضها، فلم تزل تعرض عليه؛ حتى غربت الشمس، وغفل عن صلاة العصر، وكانت فرضا عليه، فاغتم لما فاته، فاستردها، وعقرها تقربا لله تعالى، فبقي مئة منها، فما بقي في أيدي الناس من الجياد، فمن نسلها. وقيل: لما عقرها أبدله الله خيرا منها، وهي الريح تجري بأمره، ومن المؤكد: أنه لم يتركها عمدا، بل نسيانا، كما شغل النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الخندق عن صلاة العصر،

<<  <  ج: ص:  >  >>