حتى صلاها بعد الغروب، وذلك ثابت في الصحيحين عن جابر-رضي الله عنهما-قال: جاء عمر-رضي الله عنه-يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، ويقول:
يا رسول الله! والله ما كدت أصلي العصر؛ حتى كادت الشمس تغرب، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وأنا والله ما صليتها!». قال: فقمنا إلى بطحان، فتوضأ نبي الله صلّى الله عليه وسلّم للصلاة، وتوضأنا لها، فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب.
هذا؛ والتعبير بالخير عن الخيل؛ لأنها معقود بنواصيها الخير: الأجر، والغنيمة. وقيل:
حب الخير حب المال، ومنه الخيل التي عرضت عليه، والمراد: ب: {ذِكْرِ رَبِّي} الصلاة التي مر ذكرها. وقيل: كان له ورد خاص. {حَتّى تَوارَتْ} أي: غابت الشمس. {بِالْحِجابِ:} المراد به الليل، سمي بذلك؛ لأنه يستر ما فيه، وما قيل: إنه جبل لم يثبت. هذا؛ والضمير في قوله تعالى: {حَتّى تَوارَتْ} يعود إلى غير مذكور، فإن المراد: الشمس، وهو مفهوم يدل عليه المقام، والحال المشاهدة، ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (هود): {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} إذ المراد: السفينة، وقوله تعالى في سورة (القيامة): {كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ} أي: بلغت الروح التراقي، وقوله تعالى في سورة (الواقعة): {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} أي: بلغت الروح الحلقوم، ومثل هذه الآيات قول سوار بن المضرب السعدي، وهو الشاهد رقم [١٩١] من كتابنا: «فتح رب البرية»: [الطويل]
إذا كان لا يرضيك حتّى تردّني... إلى قطريّ لا إخالك راضيا
وأيضا قول حاتم الطائي: [الطويل]
لعمرك ما يغني الثّراء عن امرئ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر
ومثل الآية الكريمة في إضمار الشمس على غير مذكور قول لبيد-رضي الله عنه-في معلقته رقم [٦٥]: [الكامل]
حتّى إذا ألقت يدا في كافر... وأجنّ عورات الثّغور ظلامها
الإعراب: {فَقالَ:} الفاء: حرف عطف. (قال): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {سُلَيْمانَ}. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب اسمها.
{أَحْبَبْتُ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. وجملة: {فَقالَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها.
{حُبَّ:} مفعول به على اعتبار: {أَحْبَبْتُ} بمعنى: آثرت، و «عن» بمعنى: «على»، أو هو مفعول مطلق على أنه مصدر محذوف الزوائد، والناصب له {أَحْبَبْتُ،} أو هو مصدر تشبيهي، التقدير:
أحببت حبا مثل حب الخير، أو هو مفعول لأجله، على اعتبار {أَحْبَبْتُ} من أحب البعير: إذ