الإعراب:{فَدَعا:} الفاء: حرف استئناف. (دعا): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {رَسُولٌ كَرِيمٌ،} وهو موسى عليه السّلام. {رَبَّهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: فكفروا، ولم يتركوه. والكلام كله مستأنف لا محل له. {أَنَّ:} حرف مشبّه بالفعل. {هؤُلاءِ:} الهاء: حرف تنبيه لا محلّ له. (أولاء): اسم إشارة مبني على الكسرة في محل نصب اسم (أنّ). {قَوْمٌ:} خبر (أنّ). {مُجْرِمُونَ:} صفة: {قَوْمٌ} مرفوع، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير:
على إضمار القول عند البصريين. التقدير: قال: إن هؤلاء... إلخ، وهذه الجملة مفسرة لجملة (دعا...) إلخ لا محلّ لها مثلها. والكوفيون يجرون (دعا) مجرى القول؛ أي: فإنها في محل نصب مفعول به ل: (دعا).
الشرح: هذا الأمر بالسير كان بعد ثلاثين سنة أقامها موسى بينهم يدعوهم إلى توحيد الله تعالى، فلم يزدادوا إلاّ عتوا، وعنادا على كثرة المعجزات التي رأوها على يد موسى على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وقد فصل ذلك في سورة (البقرة) و (الأعراف) و (طه) و (الشعراء) و (يونس) كما تقدم خروج فرعون وراء موسى في هذه السّور. {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ:}
يتبعكم فرعون، وجنوده، والمعنى: أسر بهم؛ حتى إذا اتبعكم فرعون بجنوده مصبحين؛ كان لكم تقدم عليهم؛ بحيث لا يدركونكم قبل وصولكم إلى البحر، بل يكونون على أثركم حين تلجون البحر، فيدخلون مدخلكم، فأطبقه عليهم، فأغرقهم، وتنجون أنتم.
هذا؛ وأسرى فيه لغتان: سرى، وأسرى، وقرئ هنا وفي (الشعراء) بقطع الهمزة، ووصلها، فالأول من الرباعي، والثاني من الثلاثي، وقد جمع حسان بن ثابت-رضي الله عنه-بين اللغتين في بيت واحد؛ حيث قال:[الكامل]
حيّ النّضيرة ربّة الخدر... أسرت إليّ ولم تكن تسري
وسرى، وأسرى بمعنى واحد. وهو قول أبي عبيد. والثانية لغة أهل الحجاز، وبها جاء القرآن الكريم هنا، وهما بمعنى: سار الليل عامته. وقيل: سرى لأول الليل، وأسرى لآخره، وهو قول الليث، وأما سار فهو مختص بالنهار، وليس مقلوبا من سرى، فهو بمعنى: مشى.
هذا؛ والسرى، والإسراء: السير في الليل، يقال؛ سرى، يسري سرى، ومسرى، وسرية، وسراية، وأسرى إسراء. هذا؛ والسرى يذكر، ويؤنث، ولم يحك اللحياني فيه إلاّ التأنيث،