للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلفظ المبتدأ، لاختلافهما في التأويل، والمعنى؛ إذ المعنى السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنة، أو السابقون إلى طاعة الله السابقون إلى رحمته، وفي حديث الشفاعة، تكرر قول الرسل:

«ربي نفسي نفسي» ومن هذه المشكاة قول أبي النجم العجلي: [الرجز] أنا أبو النجم وشعري شعري... لله درّي ما يجنّ صدري؟!

إذا المعنى: شعري المعروف بالفصاحة والبلاغة هو شعري لم يتغير عن حالته. وأيضا قول خالد بن صخر الهذلي: [الطويل] رفوني وقالوا: يا خويلد لا ترع... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم

إذ المعنى: هم الكاملون في الشجاعة، والشهامة، والنجدة لم يتغيروا. هذا؛ وقيل:

{السّابِقُونَ} الثاني تأكيد للأول، والخبر: {أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} وقوى هذا مكي، والجلال. وقوى الأول الزمخشري، وأبو البقاء، وسليمان الجمل نقلا عن أبي السعود.

{أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {الْمُقَرَّبُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه ورفع ما قبله الواو؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل رفع خبر {السّابِقُونَ} على اعتبار الثاني تأكيدا، وفي محل رفع خبر ثان على اعتبار الثاني خبرا له، والاستئناف ممكن. تأمل.

{فِي جَنّاتِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ثان لاسم الإشارة، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في {الْمُقَرَّبُونَ،} أو هما متعلقان به نفسه؛ لأنه اسم مفعول، أو هما متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم في جنات، ومحل الجملة الاسمية هذه:

خبر ثان، أو حال، أو هي مستأنفة، لا محل لها، و {جَنّاتِ} مضاف، و {النَّعِيمِ} مضاف إليه.

{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦)}

الشرح: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} أي: جماعة من الأمم الماضية غير محصورة العدد من لدن آدم إلى زمن نبينا، وحبيبنا، وشفيعنا صلّى الله عليه وسلّم. {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} أي: ممن آمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم. وسموا قليلا بالإضافة إلى من كان قبلهم؛ لأن الأنبياء المتقدمين كثروا، فكثر السابقون إلى الإيمان منهم، فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا. وقيل: لما نزل هذا شق على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنزل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، بل ثلث أهل الجنة، بل نصف أهل الجنة، وتقاسمونهم في النصف الثاني». رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-. ذكره الماوردي، وغيره، ومعناه ثابت في صحيح مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>