للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: تبدونه. وإن اعتبرت {ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر، فيكون في محل نصب مفعول به، التقدير: يعلم إبداءكم، وكتمانكم. وهو ضعيف معنى كما ترى. وجملة: {يَعْلَمُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:

{وَاللهُ يَعْلَمُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها {وَما تَكْتُمُونَ} مثل ما قبله في إعرابه.

{قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠)}

الشرح: {قُلْ..}. إلخ: هذا أمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم بأن يقول للناس، ويبين لهم. وانظر القول في الآية رقم [٢٦] (البقرة). وقال البيضاوي: هذا حكم عام في نفي المساواة عند الله بين الرديء من الأشخاص، والأعمال، والأموال، وجيدها، رغب به في صالح العمل، وحلال المال.

انتهى. وقال النسفي: لما أخبر: أنه لا يستوي خبيثهم، وطيبهم، بل يميز بينهما، فيعاقب الخبيث؛ أي: الكافر، ويثيب الطيب؛ أي: المسلم. {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ:} فإن العبرة بالرداءة، والجودة دون القلة، والكثرة، فإن المحمود القليل خير من المذموم الكثير. والخطاب لكل معتبر، ولذا قال: {فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ} هذا؛ والعجب بفتح العين والجيم: انفعال نفساني يعتري الإنسان عند استعظامه، أو استطرافه، أو إنكاره ما يرد عليه، ويشاهده.

وقال الراغب: العجب: حيرة تعرض للإنسان بسبب الشيء، وليس هو شيئا له في ذاته حالة حقيقية، بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب، ومن لا يعرفه، وحقيقة أعجبني كذا:

ظهر لي ظهورا لم أعرف سببه. انتهى جمل نقلا عن السمين. {فَاتَّقُوا:} انظر الآية رقم [٣٨] {اللهَ:} انظر الاستعاذة. {يا أُولِي:} أصحاب. ولا واحد له من لفظه، وإنما واحده (ذي) المضاف إن كان مجرورا، و (ذا) المضاف إن كان منصوبا و (ذو) المضاف إن كان مرفوعا.

{الْأَلْبابِ:} العقول جمع: لب، وهو العقل الخالي من الهوى، سمي بذلك لأحد وجهين، إما لبنائه، من: لبّ بالمكان أقام به، وإما من اللباب، وهو الخالص من كل شيء. هذا؛ واللبيب:

العاقل الفاهم، والجمع ألباب، والأنثى لبيبة، وجمعها لبيبات، ولبائب، واللب: خالص من كل شيء. {تُفْلِحُونَ:} انظر الآية رقم [٣٨].

تنبيه: روي: أن الآية الكريمة نزلت في حجاج اليمامة لما همّ المسلمون أن يوقعوا بهم، فنهوا عنه؛ وإن كانوا مشركين. انتهى بيضاوي. ولم يقل به أحد غيره، هذا؛ وانظر مثل هذا الترجي في الآية رقم [٧] فإنه جيد.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: «أنت». {لا:} نافية.

{يَسْتَوِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء. {الْخَبِيثُ:} فاعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>