للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أي: وكل بقبض أرواحكم وإحصاء آجالكم، فلا يغفل عنكم، ولا شغل له إلا ذلك؛ إذا جاء أجل أحدكم لا يقدم لحظة، ولا يؤخر لحظة، كقوله تعالى: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}. {ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} أي: تصيرون إلى ربكم يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم، إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {يَتَوَفّاكُمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {مَلَكُ:} فاعل، وهو مضاف، و {الْمَوْتِ} مضاف إليه. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة {مَلَكُ الْمَوْتِ}. {وُكِّلَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى {الَّذِي،} والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {بِكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {يَتَوَفّاكُمْ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {ثُمَّ:} حرف عطف. {إِلى رَبِّكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {تُرْجَعُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول مثلها.

{وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنّا مُوقِنُونَ (١٢)}

الشرح: {وَلَوْ تَرى:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكل من يتأتّى منه الرؤية. {إِذِ الْمُجْرِمُونَ:}

هم الذين قالوا: {أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ}. {ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: في موقفهم بين يدي ربهم يوم القيامة، قد نكسوا رءوسهم حياء، وخجلا. والتعبير بالماضي المستفاد من:

{إِذِ،} إنما هو لتحقق وقوع ما يذكر في هذه الآية يوم القيامة.

{رَبَّنا أَبْصَرْنا} أي: يقولون أبصرنا ما وعدتنا حقا، وقد كنا مكذبين به في الدنيا.

{وَسَمِعْنا:} يعني منك تصديق ما أتتنا به رسلك. وقيل: المعنى: أبصرنا معاصينا، وسمعنا ما قيل فيها. {فَارْجِعْنا} أي: إلى الدنيا. {نَعْمَلْ صالِحاً} أي: نؤمن بك، ونصدق رسلك، ونعمل بطاعتك. {إِنّا مُوقِنُونَ} أي: بالبعث، والحساب. ومثل قولهم هذا قولهم في سورة (المؤمنون): {قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ} وقد أكذبهم الله تعالى بقوله في سورة (الأنعام): {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} وبالجملة فقد أبصروا حين لا ينفعهم البصر، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>