للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما قبلهما، والجملة الفعلية صلة {ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير:

فستذكرون الذي، أو: شيئا أقوله لكم، وعلى اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: قولي لكم. {وَأُفَوِّضُ:} الواو: حرف استئناف. (أفوض): فعل مضارع، والفاعل تقديره: «أنا». {أَمْرِي:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة. {إِلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهِ:} اسمها. {بَصِيرٌ:} خبرها. {بِالْعِبادِ:} متعلقان ب‍: {بَصِيرٌ،} والجملة الاسمية تعليل لما قبلها. والآية بكاملها من مقول الرجل المؤمن.

{فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥)}

الشرح: {فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا:} فحفظه الله من مكر فرعون، وقومه، وما هموا به من إلحاق أنواع العذاب به، نجا مع موسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

وهذا في الدنيا، وفي الآخرة يكون في أعلى عليين مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. {وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ:} وهو الغرق في البحر، ثم النقلة إلى الجحيم، فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا، ومساء إلى قيام الساعة، فإذا كان يوم القيامة؛ اجتمعت أرواحهم، وأجسادهم في النار. وانظر الآية التالية.

تنبيه: لما نصح الرجل المؤمن فرعون، وقومه؛ توعدوه بالقتل، ففر هاربا من بينهم، فأرسل فرعون خلفه ألفا من جنوده؛ ليأتوا به، أو ليقتلوه، فأكلت السباع بعضهم، ورجع بعضهم هاربا، فقتل فرعون من رجع عقوبة لهم على عدم قتلهم لذلك الرجل. وفي البيضاوي: أن ذلك الرجل فر منهم إلى جبل، فأتبعه فرعون طائفة من جنوده، فوجدوه يصلي، والوحوش صفوف حوله، فرجعوا رعبا، فقتلهم فرعون. انتهى. هذا؛ والمكر أصله في لسان العرب: الاحتيال، والخديعة، وقد مكر به، يمكر، فهو ماكر، ومكّار. قال الشاعر: [الطويل]

قهرت العدا لا مستعينا بعصبة... ولكن بأنواع الخديعة والمكر

وقال زياد بن يسار، وهو الشاهد رقم (١٠٢١) من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل] تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها... فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر

هذا؛ ونسب المكر إلى الله تعالى في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى في سورة (الرعد) رقم [٤٢]: {فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً} وهو بمعنى: المجازاة، والعقاب، والانتقام. انظره في محاله تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>