للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سورة (الإسراء)، وقوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} الآية رقم [٢٣] من سورة (الروم).

هذا؛ والنوم قسمان: نوم العين، ونوم القلب، فنوم العين فترة طبيعية تعتري الحيوان، وتتعطل حواسه بها. وأما نوم القلب فهو تعطيل القوى المدركة. والثاني لم يقع منه صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن قلبه لا ينام، كما في حديث الصحيحين عنه صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «إنّ عينيّ تنامان ولا ينام قلبي».

ورحم الله البوصيري إذ يقول: [البسيط]

لا تنكر الوحي من رؤياه إنّ له... قلبا إذا نامت العينان لم ينم

هذا؛ والمنام مصدر ميمي بمعنى النوم، أو هو اسم مكان بمعنى موضعه، أو اسم زمان بمعنى زمانه؛ لأن «مفعلا» يصلح لهذا كله. هذا؛ والنوم هو الموتة الصغرى، لذا أرشدنا سيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم أن نقول عند القيام من النوم: «سبحان من أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النّشور».

الإعراب: {وَهُوَ:} الواو: حرف استئناف. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. {جَعَلَ:}

فعل ماض، والفاعل يعود إلى {الَّذِي،} وهو العائد. {لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {لِباساً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا.

{اللَّيْلَ:} مفعول به. {لِباساً:} مفعول به ثان، وجملة: {وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً} معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها، والجملة الاسمية: {وَهُوَ الَّذِي..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨)}

الشرح: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ} بمعنى: بعث، وفي آية (الأعراف) رقم [٥٧] بالمضارع.

{الرِّياحَ:} ويقرأ: «(الريح)» بالإفراد. هذا؛ وذكر سبحانه وتعالى في الآية رقم [١٦٤] من سورة (البقرة) أن من الآيات الدالة على قدرته تصريف الرياح، وتصريفها: تقليبها شمالا، وجنوبا، وقبولا، ودبورا، وانظر الآية رقم [٦٩] من سورة (الإسراء).

{بُشْراً:} جمع بشير، وهو بضم الباء وسكون الشين، ويقرأ بضمتين، مثل: رسل، وسبل ونحوهما. قال عيسى بن عمر: كل اسم على ثلاثة أحرف، أوله مضموم، وأوسطه ساكن، فمن العرب من يخففه، ومنهم من يثقله، وذلك مثل: عسر، ويسر، وأسد، ورحم. هذا؛ ويقرأ:

«(نشرا)» بضم النون، مع ضم الشين وسكونها، على أنه جمع: نشور بمعنى: ناشر وبمعنى:

طاهر، ويجوز أن يكون جمع: نشور بمعنى: منشور، ويقرأ: «(نشرا)» بفتح النون وسكون الشين على أنه مصدر نشر بعد الطي، والقراآت كلها سبعية، كما يقرأ: «(بشرى)» على وزن: حبلى، أي: ذات بشارة، وكما يقرأ: «(بشرا)» بفتح الباء وسكون الشين، وهو مصدر بشرته: إذا بشرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>