للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قوله صلّى الله عليه وسلّم حين أصابه حجر، فنكبت إصبعه: [الرجز] هل أنت إلاّ إصبع دميت... وفي سبيل الله ما لقيت

أخرجه البخاري، ومسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه، ولهما أيضا من حديث أنس-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: [الرجز] اللهمّ إن العيش عيش الآخرة... فأكرم الأنصار والمهاجرة

فهذا كله من كلامه صلّى الله عليه وسلّم، الذي نطق به من غير صنعة فيه، ولا تكلف له، إلا أنه اتفق له من غير قصد إليه، وإن جاء موزونا، كما يتفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم، ورسائلهم ومحاوراتهم كلام موزون، يدخل في وزن البحور.

{إِنْ هُوَ} أي: القرآن. {إِلاّ ذِكْرٌ:} من الله تعالى يعظ به الإنس، والجن، وليس بشعر؛ لأنه ليس على أساليب الشعر، ولا يدخل في بحوره. {وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} أي: إنه كتاب سماوي يقرأ في المحاريب، ويتلى في المساجد، وأماكن العبادة، وينال بتلاوته الثواب، ورفيع الدرجات، وفيه بيان الحدود، والأحكام، وبيان الحلال والحرام، فكم من فرق بينه وبين الشعر، الذي هو من همزات الشياطين، وأقاويل الشعراء الكذابين. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٢٥] من سورة (الشعراء) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {عَلَّمْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {الشِّعْرَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): نافية. {يَنْبَغِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل.

والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى: {الشِّعْرَ}. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {إِنْ:} حرف نفي بمعنى:

«ما». {هُوَ:} مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر. {ذِكْرٌ:} خبر المبتدأ. {وَقُرْآنٌ:} الواو: حرف عطف. (قرآن): معطوف على ما قبله. {مُبِينٌ:} صفة له. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠)}

الشرح: {لِيُنْذِرَ:} الضمير إلى القرآن. وقيل: إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويؤيده أنه قرئ بالتاء.

{مَنْ كانَ حَيًّا:} عاقلا فهما، فإن الغافل كالميت، أو مؤمنا في علم الله تعالى. فإن الحياة الأبدية بالإيمان، وتخصيص الإنذار به؛ لأنه المنتفع به، والكافر كالميت الذي لا يتدبر، ولا يتفكر، ودليل ذلك قوله تعالى: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ..}. إلخ رقم [١٢٢] من سورة (الأنعام). {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>