للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَلِيمٌ:} خبر المبتدأ. والجملة الاسمية في محل نصب حال من الفاعل المستتر، والرابط:

الواو، والضمير.

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)}

الشرح: المعنى: إن الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء، حتى صار خضرا، نضرا، ذا ثمر، وزهر وورد، ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا، توقد به النار، كذلك هو فعال لما يشاء، قادر على ما يريد، لا يمنعه شيء. وقيل: المراد بذلك شجر المرخ، والعفار، ينبت في أرض الحجاز، فيأتي من أراد قدح نار، وليس معه زناد، فيقطع منها غصنين مثل السواكين، وهما خضراوان، يقطر منهما الماء، فيسحق المرخ-وهو ذكر-على العفار. وهو أنثى، فتنقدح النار بإذن الله كالزناد سواء. وفي المثل: في كل شجر نار، واستمجد المرخ، والعفار. ولقد أحسن القائل: [البسيط] جمع النّقيضين من أسرار قدرته... هذا السّحاب به ماء به نار

هذا؛ ومن غرائب التفسير ما قيل: المراد بالشجر الأخضر: إبراهيم، والمراد بالنار: نور محمد صلّى الله عليه وسلّم. {فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} أي: تقتبسون الدين. وهو تأويل باطل لنصوص القرآن؛ وإن كان سبكه جميلا، وعبارته لطيفة.

هذا؛ و (جعل) هنا بمعنى: خلق، وأنشأ، وأوجد، والفرق بين: «خلق» و: «جعل» الذي له مفعول واحد: أن الخلق فيه معنى التقدير، والجعل فيه معنى التضمين، ولذا عبر سبحانه في كثير من الآيات عن إحداث النور، والظلمات بالجعل، فقال: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت المجوس، بخلاف الخلق؛ لأن فيه معنى الإيجاد، والإنشاء، ولذا عبر سبحانه في كثير من الآيات عن إيجاد السموات، والأرض بالخلق.

الإعراب: {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدلا من الموصول السابق، أو هو في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هو الذي، أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: أعني الذي. {جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى:

{الَّذِي،} وهو العائد. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: هما في محل نصب مفعوله الثاني تقدم على الأول. {مِنَ الشَّجَرِ:} متعلقان بالفعل {جَعَلَ} أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {ناراً} كان صفة له. {الْأَخْضَرِ:} صفة: {الشَّجَرِ}. {ناراً:} مفعول به، والجملة الفعلية: {جَعَلَ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها. {فَإِذا أَنْتُمْ:} انظر الآية رقم [٢٩] ففيها الكفاية. {مِنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {تُوقِدُونَ:} فعل مضارع مرفوع

إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية خبر المبتدأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>