للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة: {عَذْبٌ،} صفة كاشفة على حد: أحمر قان، وأبيض ناصع، ونحو ذلك، والجملة الاسمية في محل نصب حال من {الْبَحْرَيْنِ}. والرابط: اسم الإشارة، واعتبرها السمين مستأنفة، وجوز الحالية، وأعتمد الحالية، أو هي مقولة لحال محذوفة، أي مقولا فيهما: هذا عذب... إلخ، وهو أظهر. وجملة: {وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ} معطوفة عليها، وإعرابها مثلها، بلا فارق.

(جعل): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {الَّذِي}. {بَيْنَهُما:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية وهو في موضع المفعول الثاني. هذا؛ ويجوز اعتبار الظرف متعلقا بمحذوف حال من {بَرْزَخاً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {بَرْزَخاً:} مفعول به.

{وَحِجْراً:} معطوف عليه. {مَحْجُوراً:} تأكيد لما قبله، أي: فهو صفة مؤكدة، وجملة:

{وَجَعَلَ..}. إلخ معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها مثلها، وهذا ممّا يؤكد الحالية في الجملة الاسمية: {هذا عَذْبٌ..}. إلخ، وإذا لم نعتبرها حالا فهي معترضة بين المتعاطفين.

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤)}

الشرح: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً:} يحتمل الماء أمرين: أحدهما: المراد به الماء الذي خمر به طينة آدم، عليه الصلاة والسّلام. والثاني: المراد به النطفة. وعلى الاحتمالين فقد جعل الله الماء جزآ من مادة البشر لتجتمع وتسلس، وتقبل الأشكال والهيئات بسهولة. {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} أي: خلق الله من الماء المذكور بشرا وقسمه قسمين: ذوي نسب، أي: ذكور ينسب إليهم، وذوات صهر، أي: إناثا يصهر بهن، وهو كقوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى}.

{وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً:} حيث خلق مادة واحدة بشرا، ذا أعضاء مختلفة، وطباع متباعدة، وجعله قسمين متقابلين، لا يمكن التعايش إلا باجتماعهما، ولا يعمر الكون إلا بتمازجهما واختلاطهما. هذا؛ واشتقاق الصهر من صهرت الشيء: إذا خلطته، فكل واحد من الصهرين قد خالط صاحبه، فسميت المناكح صهرا لاختلاط الناس بها، وتقاربهم بسببها، وانظر شرح كان في الآية رقم [٦]. قال ابن سيرين-رحمه الله تعالى-: نزلت هذه الآية في النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلي -رضي الله عنه-؛ لأنه جمعه معه نسب، وصهر. هذا؛ وجمع الصهر: أصهار.

تنبيه: قال الخليل: الصهر: أهل بيت المرأة، وقال: ومن العرب من يجعل الأحماء، والأختان جميعا أصهارا. وقال الأزهري: الصهر يشتمل على قرابات النساء ذوي المحارم، وذوات المحارم، كالأبوين، والإخوة، وأولادهم، والأعمام، والأخوال، والخالات، فهؤلاء أصهار زوج المرأة، ومن كان من قبل الزوج من ذوي قرابته المحارم، فهم أصهار المرأة أيضا، وقال ابن السكيت: كل من كان من قبل الزوج من أبيه، أو أخيه، أو عمه، فهم الأحماء، ومن كان من قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>