للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ (٣٤)}

الشرح: قيل: نزلت هذه الاية في أهل القليب، وهم: أبو جهل، وأصحابه الذين قتلوا ببدر، وألقوا في قليب بدر. وحكمها عام في كل كافر مات على كفره، فإن الله لا يغفر له لقوله تعالى في سورة (النساء) رقم [٤٨]: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} ويدلّ بمفهومه على أنه قد يغفر لمن لم يمت على كفره سائر ذنوبه. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ:} انظر الاية رقم [٣٢] والمحال عليها برقم [٢٥] فإن الإعراب لا يتغير. {ثُمَّ:} حرف عطف. {ماتُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محلّ لها مثلها.

{وَهُمْ:} الواو: واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{كُفّارٌ:} خبره، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير. {فَلَنْ:} الفاء: حرف صلة. (لن): حرف ناصب. {يَغْفِرَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: (لن). {اللهِ:} فاعله. {لَهُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:

{إِنَّ،} وزيدت الفاء في الخبر؛ لأنّ الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ، ابتدائية، أو مستأنفة لا محلّ لها.

تنبيه: زيدت الفاء في الخبر في هذه الاية، ولم تزد في الاية رقم [٣٢]؛ لأن عدم المغفرة في هذه الاية مسبب عن كفرهم بالله، وصدهم الناس عن سبيل الله، وموتهم على الكفر، بخلاف الاية السابقة فإنهم لم يضروا الله في حال من الأحوال، ومهما صنعوا من الكفر، وغيره؛ فإنهم لم، ولن يضروا الله مثقال ذرة، كما جاء في الحديث القدسي: «يا عبادي لو أنّ أوّلكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم؛ ما نقص ذلك من ملكي شيئا». والعكس مثله، وهو ما أفادته الجملة السابقة في الحديث: «يا عبادي لو أنّ أولكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم؛ ما زاد ذلك في ملكي شيئا».

{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥)}

الشرح: {فَلا تَهِنُوا} أي: فلا تضعفوا عن القتال، والجهاد، وفي (آل عمران) رقم [١٣٩]:

{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} والوهن: الضعف، والخور، وقد وهن الإنسان، ووهنه غيره، يتعدى، ولا يتعدى، فهو من باب: وعد، وهي اللغة الفصحى، ومن باب: ورث، يرث لغة فيه، ومن باب: فرح، يفرح لغة شاذة، وقد حذفت الواو من مضارعه في: جميع اللغات، كما في وعد، يعد، ووجد، يجد... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>