كان لا يخل بشكر النعم القليلة، فكيف بالكثيرة. {اِجْتَباهُ:} اختاره لنبوته، واصطفاه لخلته.
{وَهَداهُ:} وفقه، وثبته، وسدّد خطاه. {إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ:} هو دين التوحيد، دين الإسلام؛ لأنه لا اعوجاج فيه. وانظر إعلال: {مُقِيمَ} في الآية رقم [٤٠] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام، فإعلال {مُسْتَقِيمٍ} مثله.
الإعراب: {شاكِراً:} خبر رابع ل: {كانَ،} أو هو حال من اسم {يَكُ} المستتر، فتكون حالا متداخلة، أو متعددة، وعلى اعتباره خبرا ل: {كانَ} فتكون جملة: {وَلَمْ يَكُ..}.
إلخ معترضة في وجه كما رأيت. {لِأَنْعُمِهِ:} متعلقان ب: {شاكِراً؛} لأنه اسم فاعل، وفاعله مستتر فيه، والهاء في محل جر بالإضافة. {اِجْتَباهُ:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (الله)، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية أجاز فيها أبو البقاء اعتبارها حالا؛ أي: من الضمير المجرور بالإضافة، وتكون: «قد» مقدرة قبلها، واعتبارها خبرا ثانيا ل: {إِنَّ،} واعتبارها مستأنفة. هذا؛ وأجيز اعتبارها خبرا خامسا ل: {كانَ} وجملة:
{وَهَداهُ:} معطوفة عليها. {إِلى صِراطٍ:} متعلقان بالفعل (هداه)، وقول الجمل: يجوز تعلقه بأحد الفعلين على التنازع لا أراه قويا.
{وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ (١٢٢)}
الشرح: {وَآتَيْناهُ:} أعطيناه، ومنحناه. {فِي الدُّنْيا حَسَنَةً:} هي النبوة، والخلّة. وقيل:
هي لسان الصدق، والثناء عليه، وهو الذي طلبه في دعائه في الآية رقم [٨٤] من سورة (الشعراء) {وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} وهو القبول العام عند جميع الأمم، فإن الله حببه إلى جميع خلقه، فكل أهل الأديان يتولونه: المسلمون، واليهود، والنصارى، ومشركو العرب، وغيرهم.
وقيل: هو قول المصلي في التشهد: (اللهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم... إلخ). وقيل: إنه آتاه أولادا أبرارا على الكبر. وانظر شرح {الدُّنْيا} في الآية رقم [١٠٧].
{وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ} أي: في أعلى مقامات الصالحين في الجنة. وقيل: معناه: وإنه في الآخرة لمع الصالحين يعني: الأنبياء في الجنة، فتكون: (من) بمعنى: مع. وانظر شرح {الْآخِرَةِ} في الآية [٣٠] هذا؛ وفي الآية التفات من الغيبة في الآية السابقة إلى التكلم في هذه.
انظر الالتفات في الآية رقم [٢٢] وانظر (نا) في الآية رقم [٢٣] من سورة (الحجر)، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠١] من سورة (يوسف) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام بشأن الصالحين.
الإعراب: {وَآتَيْناهُ:} الواو: حرف عطف. (آتيناه): ماض، وفاعله، ومفعوله الأول. {فِي الدُّنْيا:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {حَسَنَةً،} كان صفة له،