للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، والصفة الأولى: {حاشِرِينَ،} وتقدير الكلام: فأرسل فرعون... رجالا حاشرين قائلين: إن هؤلاء... إلخ. {وَإِنَّهُمْ:} الواو: حرف عطف. (إنهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {لَغائِظُونَ:} اللام: هي المزحلقة.

(غائظون): خبر (إنّ) والجملة الاسمية: {وَإِنَّهُمْ لَنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، وكذلك جملة: {وَإِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ} معطوفة على ما قبلها، و {حاذِرُونَ} صفة (جميع) وساغ ذلك؛ لأنه بمعنى جماعة أيضا.

{فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨)}

الشرح: قيل: كانت البساتين ممتدة في حافتي النيل، فيها عيون، وأنهار جارية. والمراد ب‍: (كنوز) الأموال التي كانوا يملكونها من الذهب والفضة، وسماها الله كنوزا؛ لأنه لم يؤدّ حق الله منها، وكل مال لم يؤد حق الله منه فهو كنز، وإن كان ظاهرا. قيل: كان لفرعون ثمانمئة ألف غلام، كل غلام على فرس عتيق، في عنق كل فرس طوق من ذهب. {وَمَقامٍ كَرِيمٍ} أي: حسن.

قيل: أراد مجالس الأمراء، والرؤساء التي كانت لهم. وقيل: إنه كان إذا قعد على سريره، وضع بين يديه ثلاثمئة كرسي من ذهب يجلس عليها الأشراف من قومه، والأمراء، وعليهم أقبية الذهب، مخوصة بالذهب. والمعنى: إنا أخرجناهم من بساتينهم، التي فيها العيون، وأموالهم، ومجالسهم الحسنة. هذا؛ والكريم من كل نوع ما يجمع فضائله، وهو صفة لكل ما يرضى في بابه، يقال:

«وجه كريم» أي: مرضي بحسنه، وجماله، و «كتاب كريم»: مرضي في معانيه، وفوائده، «ونبات كريم»: مرضي فيما يتعلق به من المنافع، قال تعالى: {كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} وقس على ذلك الإنسان، والحيوان، والمكان. وانظر الآية رقم [٢٩] من سورة (النحل).

الإعراب: {فَأَخْرَجْناهُمْ:} الفاء: حرف استئناف. (أخرجناهم): فعل ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {مِنْ جَنّاتٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {وَعُيُونٍ:} معطوف على ما قبله. {وَكُنُوزٍ:} معطوفة أيضا. {وَمَقامٍ:} معطوف أيضا على ما قبله. {كَرِيمٍ:} صفة (مقام).

{كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠)}

الشرح: أي: إن كل ما ذكره الله تعالى من الجنات، والعيون، والكنوز، والمقام الكريم، أورثه سبحانه وتعالى بني إسرائيل. قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه. {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي: لحق فرعون وقومه بني إسرائيل وقت شروق الشمس وإضاءتها. واختلف في سبب هذا التأخر إلى شروق الشمس على قولين: أحدهما: لاشتغالهم

<<  <  ج: ص:  >  >>