للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {يَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {ظاهِراً:} مفعول به. {مِنَ الْحَياةِ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {ظاهِراً}. {الدُّنْيا:} صفة {الْحَياةِ} مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، وجملة: {يَعْلَمُونَ..}. إلخ بدل من الجملة قبلها، وفيه إشعار: أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل، وبين العلم المقصور على معرفة الدنيا، وتحصيل متاعها الزائل. وفي هذا الإبدال مخالفة بين النفي والإثبات؛ لذا فقد قيل بالاستئناف. {وَهُمْ:} الواو:

واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {عَنِ الْآخِرَةِ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {غافِلُونَ} بعدهما. {هُمْ:} توكيد لما قبله. {غافِلُونَ:} خبر المبتدأ. هذا وإن اعتبرت {هُمْ} الثانية مبتدأ ثانيا، و {غافِلُونَ} خبره، فالجملة الاسمية تكون في محل رفع خبر المبتدأ الأول، وعلى الاعتبارين فالجملة الاسمية: {هُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، ومثلها الآية رقم [٣٧] من سورة (يوسف).

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} أي: أولم يتفكروا في أنفسهم، التي هي أقرب إليهم من غيرها من المخلوقات، وهم أعلم بأحوالها منهم بأحوال ما عداها، فيتدبروا ما أودعها الله ظاهرا، وباطنا من غرائب الحكمة الدالة على التدبير دون الإهمال، وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازى فيه على الإحسان إحسانا، وعلى الإساءة مثلها؛ حتى يعلموا عند ذلك: أن سائر الخلائق كذلك، أمرها جار على الحكمة في التدبير، وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى ذلك الوقت، قال تعالى في آية أخرى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} الذاريات.

{ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما:} هو مثل قوله تعالى في آية أخرى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ} والمعنى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا،} أولم ينظروا نظر تفكر، واعتبار، واستدلال، واستبصار. {إِلاّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى} أي: ما خلق الله السموات والأرض، وما بينهما باطلا وعبثا بغير حكمة بالغة، ولا لتبقى خالدة، وإنما خلقها مقرونة بالحق، مصحوبة بالحكمة، وبتقدير أجل مسمى، لا بد لها من أن تنتهي إليه، وهو قيام الساعة، ووقت الحساب، والثواب، والعقاب. ألا ترى إلى قوله جل ذكره في آية أخرى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ} كيف سمى تركهم غير راجعين إليه عبثا. {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ} أي: بلقاء جزائه عند انقضاء الأجل المسمى، أو قيام الساعة. {لَكافِرُونَ:}

جاحدون يوم القيامة، ولا يعتقدون بالبعث، والحساب، ولا يقرون بالجزاء، والجنة، والنار، وإنما يظنون: أن الدنيا أبدية، وأن الآخرة لا تكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>