للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦)}

الشرح: {لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ} للحقائق بأنواع الدلائل، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٤]. {يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} أي: بالتوفيق للنظر في هذه الآيات، والتدبر لمعانيها. {إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: إلى دين الإسلام، الذي هو دين الله، وطريقه إلى جنته ورضاه، وانظر الآية رقم [٧٣] من سورة (المؤمنون). ولا تنس: الالتفات من التكلم إلى الغيبة، وانظر رقم [٣٤] من سورة (الأنبياء).

الإعراب: {لَقَدْ:} اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره:

والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره أقسم. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَنْزَلْنا:} فعل، وفاعل. {آياتٍ:} مفعول به. {مُبَيِّناتٍ:} صفة لها، وعلامة نصبهما الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مؤنث سالمان، والجملة الفعلية: {لَقَدْ..}. إلخ لا محل لها على الاعتبارين في اللام. تأمل. {وَاللهُ:} الواو: حرف استئناف. (الله):

مبتدأ. {يَهْدِي:} مضارع مرفوع... إلخ، والفاعل يعود إلى الله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يهدي الذي، أو: شيئا يشاء هدايته {إِلى صِراطٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {مُسْتَقِيمٍ:} صفة، والجملة الاسمية: {وَاللهُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَيَقُولُونَ آمَنّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧)}

تنبيه: لما ذكر الله إنزال الآيات مبينات موضحات ذكر بعدها افتراق الناس إلى ثلاث فرق:

فرقة صدقت ظاهرا، وكذبت باطنا، وهم المنافقون، وهم المذكورون في هذه الآية وما بعدها إلى رقم [٥٤]، وفرقة صدقت ظاهرا وباطنا، وهم المؤمنون المخلصون، وهم المذكورون في الآية رقم [٥٥ و ٥٦]، وفرقة كذبت ظاهرا وباطنا، وهم الكافرون المذكورون في الآية رقم [٥٧]، وبدأ بالمنافقين لشدة شكيمتهم، وبيان: أنهم أسوأ حالا من المشركين.

وهذه الآيات نزلت في رجل منافق اسمه بشر، تخاصم مع يهودي في قضية، فدعاه اليهودي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليحاكمه عنده، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، وهو الذي سماه الله الطاغوت في الآية رقم [٦٠] من سورة (النساء) فأبى اليهودي عليه، ثم إنهما احتكما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فحكم لليهودي، فلم يرض المنافق بقضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: تعال نتحاكم

<<  <  ج: ص:  >  >>