للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (١٠٩)}

الشرح: {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ..}. إلخ: خاصمتم، ودافعتم عنهم. والخطاب لقوم طعمة الذين حاولوا تبرئته من السّرقة، وإلصاقها باليهوديّ؛ أي: كما رأيت فيما تقدّم. {فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ:} فيه توبيخ، وتهديد، ووعيد. {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً:} محاميا يحميهم من عذاب الله تعالى يوم القيامة. وانظر الآية رقم [٨١].

تنبيه: هذه الآية الكريمة تقرع قلب كلّ من يدافع عن مجرم أثيم بالباطل: من قريب للمجرم، أو محام خبيث، وتصكّ آذانهم، وتأتي على بنيانهم من القواعد، فهلا عمل المجرم الأثيم وكالة لمحاميه الخبيث؛ ليدافع عنه أمام الله يوم القيامة؛ ليخلّصه من العقاب الشّديد، والعذاب الأليم.

الإعراب: {ها أَنْتُمْ:} (ها): حرف تنبيه لا محلّ له. ({أَنْتُمْ}): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {هؤُلاءِ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، تقديره: أعني هؤلاء، أو هو مبني على الضمّ المقدّر على آخره في محل نصب ب‍ (يا) النداء المحذوفة، وعليه فجملة: {جادَلْتُمْ عَنْهُمْ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة سواء أكانت فعلية، أم ندائية: معترضة بين المبتدأ، والخبر، لا محلّ لها من الإعراب، إلا أنّ هذا لا يجيزه سيبويه؛ لأنّ (أولاء) مبهم، ولا يحذف حرف النداء مع المبهم. هذا؛ ويعتبر الكوفيون: أنّ {هؤُلاءِ} اسم موصول هو الخبر، والجملة الفعلية بعده صلته. ولم يجزه البصريون؛ لأنّ {هؤُلاءِ} اسم إشارة، ولا يكون بمعنى الّذين. وهناك وجه ثالث، وهو: أنّ {هؤُلاءِ} خبر المبتدأ على تقدير مضاف محذوف، التقدير: ثمّ أنتم مثل هؤلاء، كقولك: أبو يوسف أبو حنيفة، فعلى هذا جملة: {جادَلْتُمْ} في محل نصب حال من: {هؤُلاءِ،} والعامل في الحال معنى التشبيه.

عكبري. في غير هذا الموضع. هذا؛ وأرى صحة وجه آخر، وهو أن يكون: {هؤُلاءِ} مبتدأ ثانيا، وجملة: {جادَلْتُمْ عَنْهُمْ} في محل رفع خبره. هذا؛ ومثل الآية الكريمة في بعض أوجه إعرابها قول ذي الرّمة-وهو الشّاهد رقم [١٠٩٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]

إذا هملت عيني لها قال صاحبي... بمثلك-هذا-لوعة وغرام

حيث قال الكوفيون: إنّ التقدير: يا هذا؛ ومثله الشاهد رقم [١٠٩٥].

{جادَلْتُمْ:} فعل وفاعل، ويجب تقدير «قد» قبلها على اعتبارها حالا في بعض الوجوه.

{عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {فِي الْحَياةِ:} متعلقان بما قبلهما. {الدُّنْيا:}

<<  <  ج: ص:  >  >>