للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بَلْ قالُوا إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)}

الشرح: {بَلْ قالُوا إِنّا..}. إلخ: أي: لم يأتوا بحجة عقلية، ولا نقلية، بل اعترفوا بأنهم لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم. انتهى. جمل نقلا من أبي السعود. وانظر شرح {أُمَّةٍ} في الآية رقم [٨] من سورة (الشورى). {وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ،} وفي الآية التالية:

{مُقْتَدُونَ} والمعنى واحد؛ أي: نهتدي بهديهم، ونسير على طريقهم. ثم بيّن الله في الآية التالية: أنّ مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم، ونظراؤهم من الأمم السابقة المكذبة للرسل، تشابهت قلوبهم، فقالوا مثل مقالتهم.

هذا، وحكى الله عنهم قولهم: {مُهْتَدُونَ} وحكى عنهم في الآية التالية قولهم: {مُقْتَدُونَ} لأنّ الأول وقع في محاجتهم النبي صلّى الله عليه وسلّم، وادعائهم: أن آباءهم كانوا مهتدين، وأنهم مهتدون كآبائهم، فناسبه مهتدون. والثاني وقع حكاية عن قوم ادعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء، فناسبه مقتدون. انتهى. جمل نقلا عن كرخي.

الإعراب: {بَلْ:} حرف عطف، وإضراب. {قالُوا:} ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل. و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها.

{وَجَدْنا:} فعل، وفاعل. {آباءَنا:} مفعول به أول، و (نا): في محل جر بالإضافة. {عَلى أُمَّةٍ:} متعلقان بمحذوف مفعول ثان، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها أيضا. {وَإِنّا:} الواو: واو الحال. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل. و (نا): اسمها. {عَلى آثارِهِمْ:} متعلقان بمحذوف خبر أول ل‍: (إنّ)، أو هما متعلقان بما بعدهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {مُهْتَدُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية: {وَإِنّا..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)}

الشرح: قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: في هذه الآية تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودلالة على أنّ التقليد في نحو ذلك ضلال قديم، وأن مقدميهم أيضا لم يكن لهم سند منظور إليه.

وتخصيص المترفين بالذكر إشعار بأن التنعم وحب البطالة، صرفهم عن النظر إلى التقليد.

والمترفون جمع مترف، وهم الذين أترفتهم النعمة؛ أي: أبطرتهم، فلا يحبون إلاّ الشهوات والملاهي، والملذات، ويعافون مشاق الدين، وتكاليفه، ويعرضون عن الحق. هذا؛ ومقالتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>