للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤) ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)}

الشرح: {فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ:} فسوقوهم إلى صراط جهنم، وبئس المصير، وقيل:

دلّوهم، يقال: هديته إلى الطريق، وهديته الطريق؛ أي: دللته عليه، وفي قوله تعالى: (اهدوهم) تهكم، وسخرية. المعنى: إذا لم يهتدوا في الدنيا إلى الصراط المستقيم، فليهتدوا اليوم إلى طريق الجحيم. {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} أي: احبسوهم؛ حتى يسألوا عن أعمالهم، وأقوالهم؛ التي صدرت عنهم في الدنيا.

فعن أبي برزة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه». رواه الترمذي، ورواه البيهقي عن معاذ، رضي الله عنه.

وعن أنس-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من داع إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به، لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلا، ثم قرأ: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ»}. {ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ} أي: تقول الخزنة لهم توبيخا، وتقريعا: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا؟! وهذا جواب لأبي جهل الخبيث حيث قال يوم بدر ما قاله الله تعالى على لسانه: {نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ}. {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} أي: أذلاء منقادون لا حيلة لهم، سواء منهم العابدون، والمعبودون.

ولا تنس الالتفات من الخطاب إلى الملائكة إلى الخطاب للكفرة المعذبين، والفجرة الفاسقين، ثم الالتفات من الخطاب إليهم إلى الغيبة. هذا؛ وذكر أن الصديق-رضي الله عنه- قام من الليل يصلي، فمر بهذه الآية: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} فجعل يكررها حتى طلع الفجر.

الإعراب: {مِنْ دُونِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: {يَعْبُدُونَ،} و {دُونِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {فَاهْدُوهُمْ:} الفاء: هي الفصيحة. (اهدوهم): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم. انظر تقديره في الشرح. {إِلى صِراطِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. و {صِراطِ} مضاف، و {الْجَحِيمِ} مضاف إليه.

{وَقِفُوهُمْ:} فعل أمر، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{إِنَّهُمْ:} (إنّ) حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {مَسْؤُلُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه... إلخ، والجملة الاسمية تعليل للأمر، لا محل لها. هذا؛ وقرئ بفتح الهمزة، وعليه فتؤول (أنّ) واسمها وخبرها بمصدر في محل جر بلام محذوفة، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

{ما:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {لا:} نافية. {تَناصَرُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والجملة الفعلية

<<  <  ج: ص:  >  >>