للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {كِسْفاً}. {ساقِطاً:} صفة ثانية ل‍: {كِسْفاً} أو حال منه، بعد وصفه بما تقدم، وجملة: {يَرَوْا..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {يَقُولُوا:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب شرط جازم، ولم تقترن بالفاء، أو ب‍: «إذا» الفجائية. {سَحابٌ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذا سحاب. {مَرْكُومٌ:} صفة له، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وإن ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له.

{فَذَرْهُمْ حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥)}

الشرح: {فَذَرْهُمْ:} اتركهم، وأعرض عنهم، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا كان في مكة قبل الهجرة، وقبل الأمر بالقتال. {حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} أي: يموتون، ويهلكون، وذلك عند النفخة الأولى نفخة الصاعقة، وهي المذكورة في الاية رقم [٦٨] من سورة (الزمر)، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ..}. إلخ. وقيل:

المراد: يوم بدر. وهو ضعيف.

هذا؛ و (ذر) بمعنى: اترك، وأعرض، والمستعمل من هذه المادة المضارع، والأمر بكثرة في القرآن الكريم، وفي الكلام العربي، ومثله: (دع) ومضارعه: «يدع» فكلا المادتين ناقص التصرف، وهما بمعنى الترك، وقد سمع الماضي منهما سماعا نادرا، فقالوا: وذر، وودع، بوزن: وضع، إلا أن ذلك شاذ في الاستعمال؛ لأن العرب كلهم إلا قليلا منهم قد أميت هذا الماضي من لغاتهم، وليس المعنى أنهم لم يتكلموا به ألبتة، بل تكلموا به دهرا طويلا، ثم أماتوه بإهمالهم استعماله، فلما جمع العلماء ما وصل إليهم من لغات العرب؛ وجدوه مماتا إلا ما سمع منه سماعا نادرا.

هذا؛ وقال قطة العدوي-رحمه الله تعالى-: قال بعض المتقدمين: زعم النحاة: أن العرب أماتت ماضي (ودع) ومصدره، واسم فاعله، واسم مفعوله، مع أنه قد قرأ عروة بن الزبير، وابنه هشام-رضي الله عنهما-قوله تعالى في سورة (الضحى): {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} بتخفيف الدال، بمعنى ما تركك، وكذا قرأ مقاتل، وابن أبي عبلة، وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «شرّ الناس من ودعه الناس اتقاء شرّه» وقال صلّى الله عليه وسلّم: «دعوا الحبشة ما ودعوكم» ورواه الجمل: (ذروا الحبشة ما وذرتكم) وقال أبو العتاهية الصوفي: [المنسرح] أثروا فلم يدخلوا قبورهم... شيئا من الثروة التي جمعوا

وكان ما قدّموا لأنفسهم... أعظم نفعا من الذي ودعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>