للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)}

الشرح: {وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ:} واو الجماعة عائدة على كفار قريش، وعاد الالتفات من التكلم إلى الغيبة، فقد كانوا إذا عيّروا بالجهل قالوا: {لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ}. أي: لو بعث إلينا نبي ببيان الشرائع، وأنزل عليه كتاب مثل موسى، وعيسى؛ لآمنا به، واتبعناه. {لَكُنّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ} أي: لكنا أعظم إيمانا منهم، وأكثر عبادة، وأشدّ إخلاصا لله منهم. هذا؛ وقد حكى الله عنهم في سورة (فاطر) رقم [٤٢] حلفهم الكاذب حيث قال جل ذكره: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاّ نُفُوراً،} ومثله قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٠٩]: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها..}. إلخ.

{فَكَفَرُوا بِهِ} أي: جاءهم محمد صلّى الله عليه وسلّم بكتاب، فكفروا به. {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي: فسوف يرون عاقبة كفرهم بالله، وآياته. فهو وعيد، وتهديد. وهذه الجملة تكرّر وتردّد كثيرا في الآيات القرآنية، كما أن (سوف) تصدرت جملا كثيرا مفادها الوعد بفضل الله الكثير مثل قوله تعالى:

{فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}.

الإعراب: {وَإِنْ:} الواو: حرف استئناف. (إن): حرف مشبه بالفعل مخفف من الثقيلة مهمل، لا عمل له. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {لَيَقُولُونَ:} اللام: هي الفارقة بين النفي، والإثبات. (يقولون): فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، وهذا الإعراب إنما هو على مذهب البصريين، وأما الكوفيون؛ فيعتبرون: (إن) نافية، واللام بمعنى: إلاّ. واستدل الكوفيون على ذلك بقول الشاعر، وهو الشاهد رقم [٤٢٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]

أمسى أبان ذليلا بعد عزّته... وما أبان لمن أعلاج سودان

وصفوة القول: إن البصريين، والكوفيين متفقون على إهمال إنّ إذا خففت، ولزوم اللام بعدها، وإن اختلفوا في معناها، ومعنى اللام الواقعة بعدها، وتفسيرهما. قال ابن مالك -رحمه الله تعالى-: [الرجز]

وخفّفت إنّ فقلّ العمل... وتلزم اللاّم إذا ما تهمل

{لَوْ:} حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {إِنْ:} حرف مشبه بالفعل. {عِنْدَنا:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر: {إِنْ:} تقدم على اسمها. {ذِكْراً:} اسم {إِنْ} المؤخر. {مِنَ الْأَوَّلِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {ذِكْراً،} وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>