هذا؛ و {مَثْوىً} بمعنى: مأوى، وكلاهما بمعنى المستقر، والملجأ، والفرق بينهما: أن المثوى مكان الإقامة المنبئة عن المكث، وأما المأوى فهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ولو مؤقتا، وقدم المأوى على المثوى في قوله تعالى:{وَمَأْواهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظّالِمِينَ؛} لأنه على الترتيب الوجودي يأوي، ثم يثوي. هذا و {مَثْوىً} مشتق من: ثوى بالمكان: إذا أقام به ثواء، وثويّا، مثل: مضى، يمضي مضاء، ومضيّا، ولو كان من: أثوى لكان: مثوى، وهذا يدل على أن «ثوى» هي اللغة الفصيحة، وحكى أبو عبيد: أثوى، وأنشد قول الأعشى:[الكامل] أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا... ومضى وأخلف من قتيلة موعدا
والأصمعي لا يعرف إلا «ثوى» ويروى البيت (أثوى) على الاستفهام، وأثويت غيري يتعدى، ولا يتعدى.
الإعراب:{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَظْلَمُ:} خبر المبتدأ، وفاعله مستتر فيه. {مِمَّنِ:} جار ومجرور متعلقان ب: {أَظْلَمُ،} و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة فهي مبنية على السكون في محل جر ب:(من).
{اِفْتَرى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل ضمير مستتر تقديره:
«هو»، يعود إلى (من) وهو العائد، أو الرابط، والجملة الفعلية صلة (من)، أو صفتها. {عَلَى اللهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {كَذِباً:} مفعول به. {أَوْ:} حرف عطف.
{كَذَّبَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من) أيضا. {بِالْحَقِّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {لَمّا:} ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل {كَذَّبَ}. {جاءَهُ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى الحق، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {لَمّا} إليها، وجملة:{كَذَّبَ..}. إلخ معطوفة على جملة:{اِفْتَرى..}. إلخ على الوجهين المعتبرين فيها. والجملة الاسمية:{وَمَنْ أَظْلَمُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {أَلَيْسَ:}
الهمزة: حرف استفهام تقريري. (ليس): فعل ماض ناقص. {فِي جَهَنَّمَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (ليس) تقدم على اسمها، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. {مَثْوىً:} اسم (ليس) مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف المحذوفة، لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها. {لِلْكافِرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {مَثْوىً،} وجملة: {أَلَيْسَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا} أي: جاهدوا في طلب مرضاتنا. فقد أطلق المجاهدة، ولم يقيدها بمفعول؛ ليتناول كل ما تجب مجاهدته، من النفس، والشيطان، وأعداء الدين. قال