للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠)}

الشرح: {وَنادى أَصْحابُ النّارِ..}. إلخ: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة، طمع أهل النار في الفرج، فقالوا: يا ربنا إن لنا قرابات من أهل الجنة، فائذن لنا حتى نراهم، ونكلمهم، فيأذن لهم، فينظرون إلى قراباتهم في الجنة، وما هم فيه من النعيم، فيعرفونهم، وينظر أهل الجنة إلى قراباتهم من أهل النار، فلم يعرفوهم لسواد وجوههم، فينادي أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم، فينادي الرجل أباه، وأخاه، فيقول:

قد احترقت، أفض علي من الماء! فيقال لهم: أجيبوهم، فيقولون: {إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ}. وهذا الجواب يفيد الحرمان.

قال بعضهم: لما كانت شهواتهم في الدنيا في لذة الأكل، والشرب؛ عذبهم الله في الآخرة بشدة الجوع، والعطش، فسألوا ما كانوا يعتادونه في الدنيا، فأجيبوا بالتحريم، والمنع، والحرمان. {أَصْحابُ}: انظر الآية رقم [٣٦]. {النّارِ}: انظر الآية رقم [١٢]. {الْجَنَّةِ} انظر الآية رقم [٤٠]. {أَفِيضُوا}: صبوا، والإفاضة: الصب، وهو هنا من الرباعي. وانظره من الثلاثي في الآية رقم [٨٣] من سورة (المائدة). {الْماءِ}: انظر إعلاله في الآية رقم [٦/ ٩٩]. {اللهُ}:

انظر الاستعاذة. {قالُوا}: انظر «القول» في الآية رقم [٥]. {حَرَّمَهُما}: انظر: {مُحَرَّماً} في الآية رقم [٦/ ١٤٥]. {الْكافِرِينَ}: انظر الكفر في الآية رقم [٦٦] الآتية.

الإعراب: {وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ}: انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٤٣].

{أَنْ}: مفسرة، أو مخففة من الثقيلة. {أَفِيضُوا}: أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. وانظر إعراب: {اُسْجُدُوا} في الآية رقم [١١]. {عَلَيْنا}: متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنَ الْماءِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، وجملة:

{أَفِيضُوا..}. إلخ مفسرة للفعل: (نادى...) إلخ، أو هي في محل رفع خبر {أَنْ} المخففة، واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: أنه، و {أَنْ} واسمها المحذوف، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف. وينبغي أن تعلم أنه قد مر معك مثل هذه في خمسة مواضع، وهي: {أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ،} {أَنْ قَدْ وَجَدْنا،} {أَنْ لَعْنَةُ اللهِ..}. إلخ، {أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} وفي هذه المواضع كلها يجوز اعتبار {أَنْ} مفسرة، ومخففة من الثقيلة، ولكنني أقول: إن صح في الآيات السابقة الاعتباران، فإنه يبدو لي اعتبار المخففة في هذه الآية ضعيفا؛ لأن الجملة الواقعة خبرا لها طلبية إنشائية، وهذا لا يجيزه كثير من المحققين. والجملة الفعلية: (نادى...) إلخ معطوفة على مثلها في الآية رقم [٤٧] لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف والثانية بالإتباع. {أَوْ}: حرف عطف. {مِمّا}: جار ومجرور معطوفان على قوله: {مِنَ الْماءِ}. وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>