للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠)}

الشرح: {وَذَرُوا:} اتركوا، وانظر الآية رقم [٧/ ٧٠]. {ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ:} المراد به جميع الذنوب سرها، وعلانيتها. وقيل: المراد بظاهر الإثم: أفعال الجوارح، وباطنه: أفعال القلوب، فيدخل في ذلك الأمراض القلبية كلها من حسد، وكبر، وعجب، وإرادة الشر للعباد.

وقيل: المراد بظاهر الإثم: الزنى في الحوانيت، وباطنه: الزنى في السر. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥/ ٣] فإنه جيد. {إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ:} انظر الآية رقم [٤/ ١١١] فإنه جيد.

{سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ:} سيعاقبون عقابا شديدا بسبب اكتسابهم الذنوب، والمعاصي، والسيئات. هذا؛ و (يجزون) من الجزاء، والمجازاة، وهي المكافأة على عمل ما، تكون في الخير، وتكون في الشر، فمن الأول قوله تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} ومن الثاني قوله تعالى: {وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ} فقد أراد جزاء الشر، والجزاء من جنس العمل، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر. هذا؛ والفعل: «جزى» وما يتصرف منه ينصب مفعولين.

الإعراب: (ذروا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، وانظر إعراب: {أَوْفُوا} في الآية رقم [٥/ ١]. {ظاهِرَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْإِثْمِ:} مضاف إليه، من إضافة الصفة للموصوف، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {وَباطِنَهُ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ} اسمها، وجملة: {يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ} صلة الموصول لا محل لها. {سَيُجْزَوْنَ:} السين: حرف استقبال.

(يجزون): مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول. {بِما:} متعلقان بمحذوف مفعوله الثاني، أي: يجزون سوءا كائنا بسبب عملهم، وانظر بقية الإعراب في الآية رقم [١٢٤] الآتية فإنه مثله بلا فارق، والجملة الفعلية: {سَيُجْزَوْنَ..}. إلخ في محل رفع خبر:

{إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ تعليل للأمر لا محل لها.

{وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)}

الشرح: {وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ:} ظاهر في تحريم متروك التسمية عمدا، أو نسيانا. وإليه ذهب داود الظاهري، وابن سيرين، والشعبي. ونقل عن عطاء: أنه قال: كل ما لم يذكر اسم الله عليه من طعام، أو شراب، فهو حرام، واحتجوا على ذلك بظاهر هذه الآية، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>