(كان) ضميرا مستترا، التقدير: وكان الانتقام حقا، ومن أجاز هذا يجيز الوقف على: {حَقًّا}.
{عَلَيْنا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {نَصْرُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية تعليل للانتقام، كما أجيز اعتبار اسم (كان) ضميرا، و: {حَقًّا} مفعولا مطلقا، والجملة الاسمية: {عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} في محل نصب خبر (كان)، وتكون الجملة المؤلفة من حقا وفعله المحذوف معترضة بين اسم (كان) المستتر وخبرها، وجملة: {وَكانَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.
{اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨)}
الشرح: {اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ:} على جميع حالاتها، وانظر الآية رقم [٤٦] وقرئ في الآيتين بالإفراد، والجمع. قال أبو عمرو: كل ما كان بمعنى الرحمة فهو جمع، وما كان بمعنى العذاب فهو موحد. {فَتُثِيرُ سَحاباً:} تحركه وتهيجه، قال تعالى في سورة (النور) رقم [٤٣]:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً} أي: يسوق، ويجري إلى حيث يشاء، والسحاب: الغيوم التي تراها العيون في السماء، وهو واحد في اللفظ، ولكن معناه جمع. وقيل: السحاب اسم جنس، واحده سحابة، فلذلك وصف بالجمع، وهو: (الثقال) في آية الرعد، وتجمع السحابة على:
سحاب، وسحائب، وسحب. وهو غربال الماء، قاله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. هذا؛ وقيل: السحاب: الغيم فيه ماء، أو لم يكن فيه ماء، ولهذا قيل: سحاب جهام، وهو الخالي من الماء. وأصل السّحب: الجر، وسمي السحاب سحابا إما لجر الريح له، أو لجره الماء، أو لانجراره في سيره، ووصفه الله بالثقال في الآية رقم [١٢] من سورة (الرعد) فقال جل ذكره:
{وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} لثقله بالماء الذي يحمله إلى حيث شاء الله الخلاق العظيم.
{فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ:} ينشره متصلا بعضه ببعض، أي: ينشره كمال الانتشار، وإلا فأصل الانتشار موجود في السحاب دائما، والمراد بالسماء: جهتها، أي: جهة العلو، وليس المراد حقيقة السماء المعروفة. {كَيْفَ يَشاءُ:} من قلة وكثرة، ومن سير تارة، ووقوف أخرى، مطبق، وغير مطبق، متراكم، وغير متراكم، من جهة دون جهة، وغير ذلك. {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً:} قطعا متفرقة، ويقرأ بفتح السين، وسكونها، فهو جمع: كسفة، وفي القاموس: الكسفة بالكسر:
القطعة من الشيء، والجمع كسف، وكسف، وجمع الجمع: أكساف، وكسوف، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٨٧] من سورة (الشعراء) فإنه جيد.
{فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} أي: من وسطه، وهو مخارج القطر، ولولا السحاب حين ينزل المطر من السماء؛ لأفسد ما يقع عليه من الأرض، وهذا يفيد: أن المطر ينزل من خزائن الله