للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {أَفَمَنْ:} (الهمزة): حرف استفهام توبيخي. (الفاء): حرف استئناف، أو هي عاطفة على محذوف. (من): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَمْشِي:}

فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {مُكِبًّا:} حال من الفاعل المستتر. {عَلى وَجْهِهِ:} متعلقان ب‍: {مُكِبًّا،} والهاء في محل جر بالإضافة. {أَهْدى:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية لا محل لها على الوجهين المعتبرين بالفاء. {أَمَّنْ:} (أم): حرف عطف. (من): مبتدأ، وجملة: {يَمْشِي} صلته. {سَوِيًّا:}

حال من فاعل {يَمْشِي} المستتر. {عَلى صِراطٍ:} متعلقان ب‍: {سَوِيًّا}. {مُسْتَقِيمٍ:} صفة {صِراطٍ،} وخبر المبتدأ محذوف لدلالة ما قبله عليه، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. هذا؛ وإن عطفت (من) على سابقتها عطف مفرد على مفرد؛ فلا حاجة إلى خبر.

{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣)}

الشرح: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ:} خلقكم ابتداء بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا، والأمر لسيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم، والخطاب فيما بعده لأهل مكة، ولكل عاقل يسمع، ويتعظ.

{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ} يعني: أنه تعالى ركب فيكم هذه الجوارح؛ لتستعملوها، وتنتفعوا بها، لكنكم ضيعتموها، فلم تقبلوا ما سمعتموه، ولا اعتبرتم بما أبصرتموه، ولا تأملتم ما عقلتموه، فكأنكم ضيعتم هذه النعم، فاستعملتموها في غير ما خلقت له، فلهذا قال تعالى: {قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} وذلك؛ لأن شكر نعم الله تعالى صرفها في وجه مرضاته، فلما صرفتموها في غير مرضاته، فكأنكم ما شكرتم رب هذه النعم الواهب لها؛ لأن شكر الله يكون بصرف جميع ما أنعم الله به على العبد فيما خلق لأجله، وهذه الجملة مذكورة بحروفها في سورة (السجدة) رقم [٩].

هذا؛ وقد وحد الله السمع في هذه الآية وأمثالها دون الأبصار، والأفئدة؛ لأمن اللبس، ولأنه في الأصل مصدر، يقال: سمعت الشيء سماعا، وسمعا، والمصدر لا يجمع؛ لأنه اسم جنس، يقع على القليل، والكثير، فلا يحتاج فيه إلى تثنية، أو جمع. وقيل: وحد السمع؛ لأن مدركاته نوع واحد، وهو الصوت، ومدركات غيره مختلفة، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

استدل بهذه الآية وأمثالها من فضل السمع على البصر لتقدمه عليه باللفظ، وقال بتبرير قوله:

والسمع يدرك به الجهات الست، وفي النور، وفي الظلمة، ولا يدرك بالبصر إلا من الجهة المقابلة، وبواسطة من ضياء، وشعاع. وقال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع؛ لأن السمع لا يدرك به إلا الأصوات والكلام، والبصر يدرك به الأجسام، والألوان، والهيئات كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>