للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول يكون المعنى: للكفار عيون، ولكن لا يبصرون بها طريق الهدى والرشاد، كما أن لهم آذانا، ولكن لا يسمعون كلمة الحق، والنصح، والسداد. وعلى الثاني يكون المعنى: للأصنام عيون، ولكن لا يبصرون بها. قيل: إن الكفار كانوا يصنعون لأصنامهم عيونا من جواهر ثمينة، وصورا بصورة من ينظر إلى من يواجهه. وإطلاق جمع المذكر السالم على الأصنام سببه ما ذكرته في الآية رقم [١٩٤]. وانظر إعلال (ترى) في الآية [١٤٣].

الإعراب: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [١٩٣].

الواو: حرف استئناف. (تراهم): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به، وجملة: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} في محل نصب حال، واكتفى (ترى) بمفعول واحد؛ لأنه بصري، وجملة (تراهم...) إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَهُمْ:}

الواو: واو الحال. (هم): مبتدأ، وجملة: {لا يُبْصِرُونَ} مع المفعول المحذوف في محل رفع خبره، والجملة الاسمية {وَهُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩)}

الشرح: {خُذِ الْعَفْوَ:} استعمل العفو، والصفح عن المسيئين إليك، والمعتدين عليك.

وقال الخازن: العفو هنا: الفضل، وما جاء بلا كلفة، والمعنى: اقبل الميسور من أخلاق الناس، ولا تستقص عليهم، فيستعصوا عليك، فتتولد منه العداوة، والبغضاء. وقيل: معناه: خذ الفضل من أموال الناس، وذلك قبل أن تفرض الزكاة، فلما فرضت، نسخت ذلك.

أقول: وهذا لا يناسب المقام. وانظر: {عَفَوْا} في الآية رقم [٩٥]. {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} أي:

بالمعروف والجميل من الأفعال، والأخلاق، وقرئ بضمتين مثل: الحلم، قال القرطبي، وهما لغتان، العرف، والمعروف. والعارفة: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول، وتطمئن إليها النفوس.

انتهى. أقول: وضد ذلك المنكر. وانظر الآية رقم [١٥٦] و [٣/ ١٠٤] تجد ما يسرك. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٤٥]. {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ:} فلا تجادلهم، ولا تعاملهم بأعمالهم، صيانة لك، ورفعة لقدرك عن مجاوبتهم. وهذا؛ وإن كان خطابا للنبي صلّى الله عليه وسلّم فهو تعليم، وتأديب لجميع خلقه، هذا فإن كان المراد بالجاهلين: الكفار؛ فهو منسوخ بآية السيف بحقهم، وإن كان المراد جفاة العرب، وأجلافهم؛ فالحكم لم ينسخ بحق النبي العظيم. وانظر (الجاهل) في الآية رقم [٦/ ٣٥] تجد ما يسرك.

تنبيه: روي: أنه لما نزلت الآية الكريمة قال الرسول المعظم صلّى الله عليه وسلّم لجبريل-عليه السّلام-:

«ما هذا؟». قال: لا أدري حتى أسأل رب العزة، فسأل، ثم رجع، فقال: «إنّ ربّك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك». ذكره البغوي بغير سند، وقال جعفر

<<  <  ج: ص:  >  >>