ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. {وَيَبْسُطُوا:} معطوف على {يَكُونُوا،} فهو مجزوم مثله، ويجوز أن يكون منصوبا ب:«أن» مضمرة بعد الواو على أنها واو المعية، كما يجوز رفعه، ولكن لم يقرأ برفعه، وهذا على القاعدة:«إذا عطف مضارع بالواو، أو بالفاء على جواب الشرط؛ جاز رفعه، ونصبه، وجزمه، وإذا عطف على فعل الشرط بالواو، أو بالفاء؛ جاز نصبه وجزمه» قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز] والفعل من بعد الجزا إن يقترن... بالفا، أو الواو يتثليث قمن
وجزم أو نصب لفعل إثر فا... أو واو إن بالجملتين اكتنفا
هذا وقد قرئ في الاية رقم [٢٨٤] من سورة (البقرة) قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ..}. إلخ برفع (يغفر) ونصبه، وجزمه. والواو فاعله.
{أَيْدِيَهُمْ:} مفعول به. {وَأَلْسِنَتَهُمْ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة.
{بِالسُّوءِ:} متعلقان بالفعل (يبسطوا) مثل {إِلَيْكُمْ،} أو هما متعلقان بمحذوف حال من {أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ}. {وَوَدُّوا:}(الواو): حرف عطف. (ودوا): ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، {لَوْ:} حرف مصدري. {تَكْفُرُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، و {لَوْ} والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: ودوا كفركم، ومثلها آية (النساء) الانفة الذكر. والجملة الفعلية معطوفة على جملة الشرط والجزاء، ويكون تعالى قد أخبر بخبرين بما تضمنته الجملة الشرطية، وبودادتهم كفر المؤمنين. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.
الشرح:{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ..}. إلخ: لما اعتذر حاطب-رضي الله عنه-بأن له أولادا، وأرحاما بين المشركين؛ بين الله عز وجل: أن الأولاد، والأرحام لا ينفعون شيئا يوم القيامة؛ إن عصي من أجلهم، وبسببهم. والمعنى: لا يحملنكم الذين في مكة من قراباتكم على معصية الله، وخيانة الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين، وترك مناصحتهم، ونقل أخبارهم إلى أعدائهم.
{يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} أي: في ذلك اليوم العصيب يحكم الله بين المؤمنين، والكافرين، فيدخل المؤمنين جنات النعيم، ويدخل المجرمين دار الجحيم. وفي النسفي: يفصل بينكم، وبين أقاربكم، وأولادكم: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} فما لكم ترفضون حق الله مراعاة لحق من يفر منكم غدا. {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي: مطلع على جميع أقوالكم، وأعمالكم، فيجازيكم بها، إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ.