وجملة:{وَسَيَحْلِفُونَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَاللهُ}: مبتدأ. {يَعْلَمُ}: مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، وهو معلق عن العمل بسبب لام الابتداء الداخلة على خبر:(إن). {إِنَّهُمْ}:
حرف مشبه بالفعل، والهاء: اسمها. {لَكاذِبُونَ}: اللام: هي المزحلقة. (كاذبون): خبر (إن) مرفوع، وعلامة رفعه الواو.. الخ، والجملة الاسمية:{إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ... ،} في محل نصب سدت مسد مفعولي {يَعْلَمُ} المعلق عن العمل لفظا؛ ولذا كسرت همزة (إن)، ولولا لام الابتداء لفتحت همزة (إن)، وتأولت مع اسمها وخبرها بمصدر في محل نصب سد مسد المفعولين، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته:[الرجز]
وكسروا من بعد فعل علّقا... باللاّم كاعلم إنّه لذو تقى
وجملة:{يَعْلَمُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{وَاللهُ يَعْلَمُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{عَفَا اللهُ عَنْكَ}: هذا خطاب لسيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم، وهو متضمن عتابا من الله تعالى له في إذنه لمن أذن له في التخلف عن الخروج معه حين شخص إلى تبوك لغزو الروم، قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: انظروا إلى هذا اللطف بدأه بالعفو قبل أن يعيره بالذنب. {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} أي: في التخلف. {حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} أي: في اعتذارهم. {وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ} أي: فيما يعتذرون به، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعرف المنافقين يومئذ حتى نزلت براءة. {عَفَا}: انظر الآية رقم [٩٥] من سورة (الأعراف). {لِمَ}: انظر الآية رقم [١٦٥] منها، هذا؛ ويقال: تبين الشيء وبان وأبان، واستبان كله بمعنى واحد، وهو لازم وقد يستعمل بعضها متعديا.
قال قتادة، وعمرو بن ميمون: ثنتان فعلهما النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يؤمر بهما: إذنه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه، وأخذه الفدية من الأسارى، فعاتبه الله كما تسمعون، وتقرءون.
تنبيه: استدل بهذه الآية من يرى جواز صدور الذنب من الأنبياء، وبيانه من وجهين:
أحدهما أنه سبحانه وتعالى قال {عَفَا اللهُ عَنْكَ} والعفو يستدعي سابقة الذنب، والوجه الثاني:
أنه سبحانه وتعالى قال:{لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} وهذا استفهام معناه الإنكار.
والجواب عن الأول: أنا لا نسلم: أن قوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَنْكَ} يوجب صدور الذنب، بل نقول: إن ذلك يدل على المبالغة في التعظيم، والتوقير، فهم كما يقول الرجل لغيره